وآكد من جميع الواجبات بدليل قوله تعالى:«يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» فولايته قامت مقام النبوّة، لانّ بصحة تبليغها عن اللَّه ينفع شهادة ان لا اله الّا اللَّه، وعدم تبليغها يبطل تبليغ الرسالة، فإذا حصلت صحّ تبليغ الرسالة، ومتى عدم التبليغ بهذا الأمر لا يجدي تبليغ الرسالة، وما كان شرطاً في صحة وجود أمر من الأمور ما صحّ وجوده الّا بوجوده ووجب كوجوبه.
يوضح ذلك ويزيده بياناً ان ولايته عليه السّلام قامت مقام ولاية رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله، قوله سبحانه: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ» وقد تقدّم اختصاصها به عليه السّلام.
وأمّا القسم الثاني: وهو انه افضل رتبة من المتقدمين والمتأخرين من الانبياء والصديقين، هو ان النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم افضل الانبياء ورسالته افضل الرسالات، وقد أمر القديم سبحانه وتعالى سيّد رسله صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم بابلاغ فرض ولاية أميرالمؤمنين وجعل في نفس الوجوب أن تبليغ ولايته سبب صحّة تبليغ رسالته، وانّه لم يصح تبليغ هذه الرسالة التي هي افضل الرسالات الّا بتبليغ ولايته صلوات اللَّه عليه وآله، وعلى هذا حيث ثبتت الولاية كثبوت هذه الرسالة صارت شيئاً واحداً. وإذا كانت امامته كرسالته، صار نفس هذه كنفس هذه، وفضلها كفضلها، اذ ليس يوجد من خلق اللَّه تعالى من نفسه كنفس رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم سواه، بدليل قوله تعالى في آية المباهلة «وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ» فجعله تعالى نفس رسوله صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وإذا كان نفس الرسول وولايته نفس ولايته كما قدّمناه، بطلت مماثلاته من كافة خلق اللَّه تعالى.
ويزيد ذلك ما ذكرناه بياناً وايضاحاً وانها قامت مقام النبوة، ما تقدّم ذكره