نفسه؟ قال: فأطرقت. فقال: يا اسحاق، لا تنسب رسول اللَّه إلى التكلف، فان اللَّه يقول:«وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ» «1» قلت: اجل يا أميرالمؤمنين، بل دعاه بأمر اللَّه قال: فهل من صفة الجبار جلّ ذكره أن يكلّف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكم؟
قلت: أعوذ باللَّه فقال: أفتراه في قياس قولك يا اسحاق ان علياً أسلم صبياً لا يجوز عليه الحكم، وقد كلف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم دعاء الصبيان إلى ما لا يطيقونه فهو يدعوهم الساعة ويرتدون بعد ساعة، فلا يجب عليهم في ارتدادهم شي ء ولا يجوز عليهم حكم الرسول صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، أترى هذا جائزاً عندك أن تنسبه إلى اللَّه عزّوجلّ؟ قلت: اعوذ باللَّه، قال: يا اسحاق، فاراك انما قصدت لفضيلة فضل بها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم على هذا الخلق أبانه بها منهم ليعرف مكانه وفضله، ولو كان اللَّه تبارك وتعالى امره بدعاء الصبيان لدعاهم كما دعا علياً؟ قلت: بلى، قال: فهل بلغك ان الرسول صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم دعا أحداً من الصبيان من أهله وقرابته، لئلا تقول ان علياً ابن عمه؟ قلت:
لا أعلم ولا أدري فعل أو لم يفعل، قال: يا اسحاق، أرأيت ما لم تدره ولم تعلمه هل تسأل عنه؟ قلت: لا. قال: فدع ما قد وضعه اللَّه عنا وعنك» «2».
أقول: تبيّن لك مما تقدم إن علياً عليه السّلام أول من آمن باللَّه وبرسوله صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم ... رواه ائمة الحديث والحفاظ في مسانيدهم بروايات صحاح، كالترمذي والبيهقي وأبي حنيفة والسيوطي والمناوي ومنصور علي ناصف وغيرهم «3».