النزاع على السلطة بين معاوية وعمرو بن العاص:
قال المسعودي: «فلما انصرف أبو موسى انصرف عمرو بن العاص إلى منزله، ولم يأت إلى معاوية فأرسل إليه معاوية يدعوه فقال: انما كنت أجيؤُك اذ كانت لي اليك حاجة، فأما إذا كانت الحاجة الينا فأنت أحق ان تأتينا، فعلم معاوية ما قد دفع اليه، فخمر الرأي وأعمل الحيلة، وأمر معاوية بطعام كثير فصنع، ثم دعا بخاصته ومواليه وأهله، فقال: اني سأغدوا إلى عمرو، فإذا دعوت بالطعام فدعوا مواليه وأهله فليجلسوا قبلكم فإذا شبع رجل منهم وقام فليجلس رجل منكم مكانه، فإذا خرجوا ولم يبق في البيت احد منهم فاغلقوا باب البيت، واحذروا ان يدخل احد منهم الا ان آمركم.وغدا إليه معاوية وعمرو جالس على فراشه، فلم يقم له عنها ولا دعاه فجاء معاوية وجلس على الأرض، واتكأ على ناحية الفراش وذلك ان عمرواً كان يحدّث نفسه انه قد ملك الأمر واليه العقد يضعها فيمن يرى، ويندب للخلافة من يشاء فجرى بينهما كلام كثير، وكان مما قال له عمرو: هذا الكتاب الذي بيني وبينه عليه خاتمي وخاتمه، وقد أقر بأن عثمان قتل مظلوماً، وأخرج علياً من هذا الأمر، وعرض علي رجالًا لم أرهم اهلًا لها، وهذا الأمر إلى أن استخلف من شئته، وقد اعطاني أهل الشام عهودهم ومواثيقهم، فحادثه معاوية ساعة وأخرجه عما كانوا عليه، وضاحكه وداعبه، ثم قال: يا أبا عبداللَّه هل من غداء؟ قال: اما شي ء يشبع من ترى فلا واللَّه، فقال معاوية: هلم يا غلامي غذاءك فجي ء بالطعام المستعد،