مقارنة بين حروب النبي وحروب علي
روى ابن أبي الحديد عن أبي جعفر بن أبي زيد الحسني نقيب البصرة، انه كان يقول: «من تأمل حال الرجلين وجدهما متشابهين في جميع امورهما أو في أكثرها، وذلك لأن حرب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم مع المشركين كانت سجالًا، انتصر يوم بدر، وانتصر المشركون عليه يوم احدٍ، وكان يوم الخندق كفافاً خرج هو وهم سواء، لا عليه ولا له، لأنهم قتلوا رئيس الأوس وهو سعد بن معاذ وقتل منهم فارس قريش وهو عمرو بن عبدودّ، وانصرفوا عنه بغير حرب بعد تلك الساعة التي كانت ثم حارب بعدها قريشاً يوم الفتح، فكان الظفر له.وهكذا كانت حروب علي عليه السّلام، انتصر يوم الجمل، وخرج الأمر بينه وبين معاوية على سواء قتل من اصحابه رؤساء ومن اصحاب معاوية رؤساء وانصرف كل واحدٍ من الفريقين على صاحبه بعد الحرب على مكانه، ثم حارب بعد صفين أهل النهروان، فكان الظفر له.
قال: ومن العجب ان أول حروب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم كانت بدراً وكان هو المنصور فيها، وأول حروب علي عليه السّلام الجمل، وكان هو المنصور فيها. ثم كان من صحيفة الصلح والحكومة يوم صفين نظير ما كان من صحيفة الصلح والهدنة يوم الحديبية ثم دعا معاوية في آخر أيام علي عليه السّلام إلى نفسه وتسمى بالخلافة، كما ان مسيلمة والأسود العنسي دعوا إلى انفسهما في آخر ايام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وتسميا بالنبوة، واشتد على علي عليه السّلام ذلك، كما اشتد على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم أمر الأسود