«ودعا جبير بن مطعم غلاماً له يقال له وحشي كان حبشياً يقذف بحربة له قذف الحبشة، قلما يخطئ بها، فقال له: اخرج مع الناس، فان أنت قتلت عم محمّد بعمي طعيمة بن عدي، فانت عتيق .. فخرج أبو سفيان بن حرب وهو قائد الناس معه هند بنت عتبة بن ربيعة .. وكانت هند بنت عتبة كلما مرت بوحشي أو مرّ بها قالت: ايه أبا دسمة اشف واستشف وكان وحشي يكني بأبي دسمه، فأقبلوا حتى نزلوا بعينين بجبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادي مما يلي المدينة، فلما سمع بهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا ... ونزلت قريش منزلها من احد يوم الأربعاء فأقاموا به ذلك اليوم ويوم الخميس ويوم الجمعة وراح رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم حين صلى الجمعة فاصبح بالشعب من أحد ... فخرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم إلى أحد في الف رجل، وقد وعدهم الفتح ان صبروا، فلما خرج رجع عبداللَّه بن أبي سلول في ثلاثمائة، فتبعهم أبو جاير السلمي يدعوهم فلما غلبوه، وقالوا له: ما نعلم قتالًا ولئن اطعتنا لترجعن معنا قال اللَّه عزّوجل:«إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا» «1» فهمّ بنو سلمة وبنو حارثة بالرجوع حين رجع عبداللَّه بن أبي سلول فعصمهم اللَّه عزّوجل وبقي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم في سبعمائة ... وكان المشركون ثلاثة آلاف والخيل مائتي فرس والظعن خمس عشرة امرأة ... وكان في المشركين سبعمائة دارع، وكان في المسلمين مائة دارع ولم يكن معهم في الخيل الا فرسان، فرس لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وفرس لأبي بردة بن نيار الحارثي ...
اجلس رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم رجالًا بازاء الرماة وأمر عليهم عبداللَّه ابن جبير وقال لهم: لا تبرحوا مكانكم ان رأيتمونا ظهرنا عليهم، وان رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا، فلما لقي القوم هزم المشركون حتى رأيت النساء قد رفعن