آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً» «١» فدلّت الآية على انّه عليه السّلام لما قارب الحلم ولم يبلغ الاستواء بعد، اكرم بالعلم والحكمة ولذلك لم يقيده بالاستواء، ولقن من العلم والحكمة والفهم ما لا يتعلق حكمه بتعليم مخلوق، بل فتح اللَّه تعالى عليه أبوابها ويسر له أسبابها، وكذلك المرتضى رضوان اللَّه عليه لم يراهق الحلم وقد أوتي من العلم والحكمة ما لم يؤت مثله أقرانه وفتح عليه من أبوابها ما لم يقم بمثلها اخوانه ولذلك قال عليه السّلام: «يا علي ملئت علماً وحكمة».
٢- وامّا حسد اخوته له: فان يوسف الصدّيق عليه السّلام لما اكرمه اللَّه تعالى بما اكرمه من تخصيص الذات وكمال الصفات ولم ير اخوانه في انفسهم امثاله ورأوا شفقة أبيهم عليه السّلام عليه وسأله زيادة على من كان منه عليهم فحملهم ذلك على الحسد والبغي، واجتهدوا في أمره بالنشر والطي والأمر والنهي، يدل عليه قوله تعالى: «إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ» «٢» الى قوله «قَوْماً صَالِحِينَ» «3» فكذلك المرتضى رضوان اللَّه عليه لما رجح الى خصائص الذات وكمال الصفات زيادة على عشيرته واقربائه وبين اخوانه ونظرائه، ولقد كان المصطفى صلوات اللَّه عليه يخصه في كنفه ويختصه ببره ولطفه منذ صغره الى كبره، ولقد كان عليه السّلام ضمه إلى نفسه فينفق عليه من خالص ماله حين قلّت ذات يد أبي طالب، وتكفل به ولم ير اكفاؤه من بني اعمامه وعماته وبني اخوانه واخواته