وقيل: من وفائه انه تل ابنه للجبين واسلم لمولاه الملك الحق المبين، فنودي «يَا إِبْرَاهِيمُ «١» قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا» «٢» فكذلك المرتضى كرم اللَّه وجهه في وفائه للَّه سبحانه بالنذر، قوله تعالى: «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ» «٣».
٢- اما الوقاية: فان اللَّه سبحانه وقى خليله إبراهيم عليه السّلام حرارة النار وشرّها فلو لم يقل «وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ» «٤» لأهلكته النار ببردها وزمهريرها حتى يتفتت جسده، وذكر ان اللَّه سبحانه لما قال «يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً» «5» انطفاً كل نار على وجه الأرض شرقاً وغرباً، ولم ينتفع احد بالنار في جميع الأرض يومه ذلك، وقيل: إلى سبعة ايام وقيل: إلى ثلاثة ايام، واللَّه اعلم بالصواب.
وقال أهل التحقيق من اصحابنا: ان النّار لم تتغير عن عنصرها، لأن قلب الجوهر لا يجوز، وكذلك قلب الطبايع، ولكن اللَّه سبحانه صان خليله عليه السّلام عن شرها وضرها وحرقتها، فالنار نار والحرارة باقية ووقاية اللَّه تعالى خليله إبراهيم صلوات اللَّه عليه ظاهرة بادية جليّة فاشية، ليكون ادّل على القدرة واظهر في الاعجاز، فكذلك المرتضى رضوان اللَّه عليه ادركته دعوة الرسول عليه السّلام فوقِيَ الحر والبرد ... عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه انه قال لعلي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه وكان يسمر معه: ان الناس قد انكروا منك انك تخرج في البرد في ملاس وفي الحر في الخشو والثوب الثقيل، فقال له علي او لم تكن معنا بخيبر؟ قال:
بلى قال: فان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم قال: لأعطين الراية رجلًا يحبه