قال العاصمي: وقعت المشابهة بين المرتضى وبين نوح صلوات اللَّه عليه بثمانية أشياء: أوّلها بالفهم، والثّاني بالدعوة، والثّالث بالاجابة، والرّابع بالسفينة، والخامس بالبركة، والسّادس بالسّلام، والسّابع بالشّكر، والثّامن بالاهلاك.
امّا الفهم: بقول النبي عليه السّلام: من أراد ان ينظر إلى آدم في علمه والى نوح في فهمه فلينظر إلى علّي بن أبي طالب عليه السّلام.
وامّا الدّعوة: فانّ نوحاً عليه السّلام دعا على قومه بعد أن أضجره شأنهم وتقرّر له اصرارهم وعدوانهم، فقال:«رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً» «١» فكذلك المرتضى (رضوان اللَّه عليه)، لما أضجره شنآن قومه وتكاسلهم عمّا ندبهم إليه في يوم دعا عليهم قال: اللّهم انّ النّاس قد مللتهم وملّوني وسأمتهم وسأموني، اللهم بدلهم منّي شرّ بدل وبدلني منهم خير بدل ...
وأمّا الإجابة: فقوله تعالى: «وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ» «٢»، فاجاب اللَّه تعالى دعاء نوح عليه السّلام على قومه فارسل عليهم الطّوفان فأغرقوا، وكذلك المرتضى رضي اللَّه عنه أجاب اللَّه تعالى دعائه فسلّط عليهم غلام ثقيف، يعني الحجّاج فقتل منهم من قتل وفعل بهم ما فعل، كلّ ذلك عقوبة لهم بما خذلوا ولّي اللَّه وخليفة رسوله في أهله، وقيل أحصى ديوانه بعد موته، فوجد فيه ثمانون الفاً قيل وكان آخر من قتل سعيد بن جبير فلم يقتل بعده أحداً لدعوة سعيد بن جبير، فاستجاب اللَّه دعاءه فيه، وشغله بنفسه إلى ان أخرج من الدّنيا ملعوناً مذموماً ...
وأمّا السّفينة: فقوله تعالى : «وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا» «3» إلى قوله