إلى الضرورة الوصفية بوجه.
تنبيه آخر: [في أقسام الإمكان] هذا الذي تقدم - من معنى الإمكان - هو المبحوث عنه في هذه المباحث، وهو إحدى الجهات الثلاث التي لا يخلو عن واحدة منها شئ من القضايا (1). وقد كان الإمكان عند العامة يستعمل في سلب الضرورة عن الجانب المخالف، ولازمه سلب الامتناع عن الجانب الموافق. ويصدق في الموجبة فيما إذا كان الجانب الموافق ضروريا، نحو (الكاتب متحرك الأصابع بالإمكان)، أو مسلوب الضرورة، نحو (الإنسان متحرك الأصابع بالإمكان). ويصدق في السالبة فيما إذا كان الجانب الموافق ممتنعا، نحو (ليس الكاتب بساكن الأصابع بالإمكان)، أو مسلوب الضرورة، نحو (ليس الإنسان بساكن الأصابع بالإمكان).
فالإمكان بهذا المعنى أعم موردا من الإمكان بالمعنى المتقدم - أعني سلب الضرورتين - ومن كل من الوجوب والامتناع، لا أنه أعم مفهوما، إذ لا جامع مفهومي بين الجهات.
ثم نقله الحكماء إلى خصوص سلب الضرورة من الجانبين، وسموه: (إمكانا خاصا وخاصيا)، وسموا ما عند العامة: (إمكانا عاما وعاميا).
وربما أطلق الإمكان وأريد به سلب الضرورات الذاتية والوصفية والوقتية، وهو أخص من الإمكان الخاص، ولذا يسمى: (الإمكان الأخص)، نحو (الإنسان كاتب بالإمكان)، فالماهية الإنسانية لا تستوجب الكتابة، لا لذاتها ولا لوصف ولا في وقت مأخوذين في القضية.