وقد استدلوا (1) على ذلك بوجوه (2): أوجهها أن الممكن لو لم يكن ممكنا في الأعيان لكان إما واجبا فيها أو ممتنعا فيها، فيكون الممكن ضروري الوجود أو ضروري العدم، هذا محال.
ويرده (3): أن الاتصاف بوصف في الأعيان لا يستلزم تحقق الوصف فيها بوجود منحاز مستقل، بل يكفي فيه أن يكون موجودا بوجود موصوفه. والإمكان من المعقولات الثانية الفلسفية التي عروضها في الذهن والاتصاف بها في الخارج، وهي موجودة في الخارج بوجود موضوعاتها.
وقد تبين مما تقدم أن الإمكان معنى واحد مشترك كمفهوم الوجود.
تنبيه: [في أقسام الضرورة] تنقسم الضرورة إلى ضرورة أزلية، وهي: كون المحمول ضروريا للموضوع لذاته من دون أي قيد وشرط حتى الوجود، وتختص بما إذا كانت ذات الموضوع وجودا قائما بنفسه بحتا لا يشوبه عدم ولا تحده ماهية، وهو الوجود الواجبي (تعالى وتقدس) فيما يوصف به من صفاته التي هي عين ذاته. وإلى ضرورة ذاتية، وهي: كون المحمول ضروريا للموضوع لذاته مع الوجود لا بالوجود، كقولنا: (كل إنسان حيوان بالضرورة) (4) فالحيوانية ذاتية للإنسان ضرورية له ما دام موجودا ومع الوجود، ولولاه لكان باطل الذات، لا إنسان ولا حيوان. وإلى ضرورة وصفية، وهي: كون المحمول ضروريا للموضوع لوصفه، كقولنا: (كل كاتب متحرك الأصابع بالضرورة ما دام كاتبا). وإلى ضرورة وقتية (5)، ومرجعها