يجب وجوده ولا عدمه (1).
وهذه جميعا تعريفات لفظية من قبيل شرح الاسم المفيد للتنبيه، وليست بتعريفات حقيقية (2)، لأن الضرورة واللا ضرورة من المعاني البينة البديهية التي ترتسم في النفس ارتساما أوليا تعرف بنفسها ويعرف بها غيرها. ولذلك من حاول أن يعرفها تعريفا حقيقيا أتى بتعريفات دورية، كتعريف الممكن ب (ما ليس بممتنع) (3)، وتعريف الواجب ب (ما يلزم من فرض عدمه محال) أو (ما فرض عدمه محال) (4)، وتعريف المحال ب (ما يجب أن لا يكون) إلى غير ذلك.
والذي يقع البحث عنه في هذا الفن - الباحث عن الموجود بما هو موجود - بالقصد الأول من هذه المواد الثلاث هو الوجوب والإمكان - كما تقدمت الإشارة إليه (5) -، وهما وصفان ينقسم بهما الموجود من حيث نسبة وجوده إليه انقساما أوليا.
وبذلك يندفع ما أورد على كون الإمكان وصفا ثابتا للممكن يحاذي الوجوب الذي هو وصف ثابت للواجب. تقريره: أن الإمكان - كما تحصل من التقسيم السابق - سلب ضرورة الوجوب وسلب ضرورة العدم، فهما سلبان اثنان،