الاستعداد للفاعلية له كان يلزمه أولا قوة انفعالية لحصول ما يتم به كونه فاعلا، فذلك الاستعداد المفروض لم يكن بالحقيقة لفاعليته، بل لانفعاله، فليس للفاعلية استعداد، بل للمنفعلية أولا وبالذات وللفاعلية بالعرض.
فثبت مما بينا بالبرهان أن لا قوة ولا استعداد بالذات لكون الشئ فاعلا، بل إنما القوة والاستعداد للإنفعال ولصيرورة الشئ قابلا لشئ بعد أن لم يكن) (1)، انتهى.
وأما نفس الاستعداد، فقد قيل (2): (إنها من المضاف، إذ لا يعقل إلا بين شيئين مستعد ومستعد له، فلا يكون نوعا من الكيف) ويظهر من بعضهم أنه كيف يلزمه إضافة (3)، كالعلم الذي هو من الكيفيات النفسانية وتلزمه الإضافة بين موضوعه ومتعلقه - أعني العالم والمعلوم - وكالقدرة والإرادة.
الفصل الخامس عشر في الكيفيات النفسانية الكيفية النفسانية، وهي - كما قال الشيخ (4) -: ما لا يتعلق بالأجسام على الجملة، إن لم تكن راسخة سميت (حالا) وإن كانت راسخة سميت (ملكة)، وإذ كانت النسبة بين الحال والملكة نسبة الضعف والشدة وهم يعدون المرتبتين من الضعف والشدة نوعين مختلفين، كان لازمه عد الحال مغايرا للملكة نوعا ووجودا.
والكيفيات النفسانية كثيرة، وإنما أوردوا منها في هذا الباب بعض ما يهم البحث عنه.
فمنها: الإرادة، قال في الأسفار: (يشبه أن يكون معناها واضحا عند العقل