فإن قيل: تغير العلم - كما اعترفتم به في القسم الثاني - دليل كونه ماديا، فإن التغير - وهو الانتقال من حال إلى حال - لازمه القوة، ولازمها المادة، وقد قلتم: (إن العلم بجميع أقسامه مجرد).
قلنا (1): العلم بالتغير غير تغير العلم، والتغير ثابت في تغيره لا متغير، وتعلق العلم بالمتغير - أي حضوره عند العالم - أنما هو من حيث ثباته، لا تغيره، وإلا لم يكن حاضرا فلم يكن حضور شئ لشئ، وهذا خلف.
تنبيه:
يمكن أن يعمم التقسيم بحيث يشمل العلم الحضوري، فالعلم الكلي كعلم العلة بمعلولها من ذاتها الواجدة في ذاتها كمال المعلول بنحو أعلى وأشرف، فإنه لا يتغير بزوال المعلول لو جاز عليه الزوال، والعلم الجزئي كعلم العلة بمعلولها الداثر الذي هو عين المعلول، فإنه يزول بزوال المعلول.
الفصل الخامس في أنواع التعقل ذكروا أن العقل على ثلاثة أنواع (2):
أحدها: أن يكون عقلا بالقوة، أي لا يكون شيئا من المعقولات بالفعل ولا له شئ من المعقولات بالفعل، لخلوه عن عامة المعقولات.
الثاني: أن يعقل معقولا واحدا أو معقولات كثيرة بالفعل، مميزا بعضها من بعض، مرتبا لها، وهو العقل التفصيلي.
الثالث: أن يعقل معقولات كثيرة عقلا بالفعل من غير أن يتميز بعضها من