لحق الشئ إمكان بالغير من علة مقتضية من خارج لكان الشئ في حد نفسه مع قطع النظر عما عداه إما واجبا بالذات أو ممتنعا بالذات أو ممكنا بالذات، لما تقدم (1) أن القسمة إلى الثلاثة حاصرة. وعلى الأولين يلزم الانقلاب بلحوق الإمكان له من خارج. وعلى الثالث - أعني كونه ممكنا بالذات - فإما أن يكون بحيث لو فرضنا ارتفاع العلة الخارجة بقى الشئ على ما كان عليه من الإمكان، فلا تأثير للغير فيه لاستواء وجوده وعدمه وقد فرض مؤثرا، هذا خلف. وإن لم يبق على إمكانه لم يكن ممكنا بالذات وقد فرض كذلك، هذا خلف.
هذا لو كان ما بالذات وما بالغير إمكانا واحدا هو بالذات وبالغير معا، ولو فرض كونهما إمكانين اثنين بالذات وبالغير كان لشئ واحد من حيثية واحدة إمكانان لوجود واحد، وهو واضح الفساد كتحقق وجودين لشئ واحد.
وأيضا في فرض الإمكان بالغير فرض العلة الخارجة الموجبة للإمكان، وهو في معنى ارتفاع النقيضين، لأن الغير الذي يفيد الإمكان الذي هو لا ضرورة الوجود والعدم لا يفيده إلا برفع العلة الموجبة للوجود ورفع العلة الموجبة للعدم التي هي عدم العلة الموجبة للوجود، فإفادتها الإمكان لا تتم إلا برفعها وجود العلة الموجبة للوجود وعدمها معا، وفيه ارتفاع النقيضين.
والوجوب بالقياس إلى الغير كوجوب العلة إذا قيست إلى معلولها باستدعاء منه، فإنه بوجوده يأبى إلا أن تكون علته موجودة، وكوجوب المعلول إذا قيس إلى علته التامة باقتضاء منها، فإنها بوجودها تأبى إلا أن يكون معلولها موجودا، وكوجوب أحد المتضائفين إذا قيس إلى وجود الآخر. والضابط فيه أن تكون بين المقيس والمقيس إليه علية ومعلولية أو يكونا معلولي علة واحدة، إذ لولا رابطة العلية بينهما لم يتوقف أحدهما على الآخر فلم يجب عند ثبوت أحدهما ثبوت الآخر.
والامتناع بالقياس إلى الغير كامتناع وجود العلة التامة إذا قيس إلى عدم