وهاهنا نكتة يجب التبيه عليها، وهي: أنه قد تقدم في المباحث السابقة (1) أن الوجود ينقسم إلى ما في نفسه وما في غيره، وينقسم أيضا إلى ما لنفسه وما لغيره وهو الوجود النعتي، وتقدم أيضا (2) امتناع أن توجد ماهيتان بوجود واحد نفسي بأن يطرد وجود واحد العدم عن نفس ماهيتين متباينتين، وهو وحدة الكثير المستحيلة عقلا.
ومن هنا يتبين أن الحمل - الذي هو اتحاد المختلفين بوجه - لا يتحقق في وجود المختلفين النفسي، وإنما يتحقق في الوجود النعتي بأن يكون أحد المختلفين ناعتا بوجوده للآخر والآخر منعوتا به. وبعبارة أخرى: أحد المختلفين هو الذات بوجوده النفسي، والآخر هو الوصف بوجوده النفسي، واتحادهما في الوجود النعتي الذي يعطيه الوصف للذات. وهذا معنى قول المنطقيين: (إن القضية تنحل إلى عقدين: عقد الوضع، ولا يعتبر فيه إلا الذات، وما فيه من الوصف عنوان مشير إلى الذات فحسب، وعقد الحمل، والمعتبر فيه الوصف فقط) (3).
وهاهنا نوع ثالث من الحمل، يستعمله الحكيم، مسمى بحمل الحقيقة والرقيقة، مبني على اتحاد الموضوع والمحمول في أصل الوجود واختلافهما بالكمال والنقص، يفيد وجود الناقص في الكامل بنحو أعلى وأشرف واشتمال المرتبة العالية الوجود على كمال ما دونها من المراتب.
الفصل الرابع في انقسام الحمل إلى هو هو وذي هو ينقسم الحمل إلى حمل هو هو وحمل ذي هو.
والأول: ما يثبت فيه المحمول للموضوع بلا توقف على اعتبار أمر زائد،