نهاية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٣٥٦
قبل ثبوتها العيني الخاص بها.
الفصل الثاني عشر في العناية والقضاء والقدر ذكروا (1) أن من مراتب علمه (تعالى) العناية والقضاء والقدر، لصدق كل منها بمفهومه الخاص على خصوصية من خصوصيات علمه (تعالى).
أما العناية (2): وهي كون الصورة العلمية علة موجبة للمعلوم الذي هو الفعل، فإن علمه التفصيلي بالأشياء وهو عين ذاته علة لوجودها بما له من الخصوصيات المعلومة، فله (تعالى) عناية بخلقه.
وأما القضاء: فهو بمفهومه المعروف جعل النسبة التي بين موضوع ومحموله ضرورية موجبة، فقول القاضي مثلا في قضائه - فيما إذا تخاصم زيد وعمرو في مال أو حق ورفعا إليه الخصومة والنزاع وألقيا إليه حجتهما -: (المال لزيد والحق لعمرو)، إثبات المالكية لزيد وإثبات الحق لعمرو إثباتا ضروريا يرتفع به التزلزل والتردد الذي أوجده التخاصم والنزاع قبل القضاء وفصل الخصومة، وبالجملة قضاء القاضي إيجابه الأمر إيجابا علميا يتبعه إيجابه الخارجي اعتبارا.

(١) راجع شرح الإشارات ج ٣ ص ٣١٦ - ٣١٨، والأسفار ج ٦ ص ٢٩٠ - ٢٩٦، وشرح المنظومة ص ١٧٥ - ١٧٧.
(٢) قال في الأسفار: (وأما العناية فقد أنكرها أتباع الإشراقيين، وأثبتها أتباع المشائين كالشيخ الرئيس ومن يحذو حذوه) انتهى كلامه في الأسفار ج ٦ ص ٢٩١.
أقول: أنكرها الشيخ الإشراقي في حكمة الاشراق ص ١٥٣ حيث قال: (وأما العناية فلا حاصل لها). وتبعه العلامة الشيرازي في شرح حكمة الاشراق ص ٣٦٥. وأثبتها الشيخ الرئيس في الإشارات، حيث قال: (فالعناية هي إحاطة علم الأول بالكل) راجع شرح الإشارات ج ٣ ص ٣١٨، وكذا في سائر كتبه، فراجع المبدأ والمعاد ص ٨٤، والنجاة ص 284، والتعليقات ص 19. وأثبتها أيضا العرفاء كما قال صدر الدين القونوي: (وعنايته في الحقيقة إفاضة نوره الوجودي على من انطبع في مرآة عينه التي هي نسبة معلوميته واستعد لقبول حكم إيجاده ومظهريته) راجع كلام الماتن في مصباح الأنس ص 87.
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»
الفهرست