ويتميز الذاتي من غير الذاتي بخواصه التي هي لوازم ذاتيته، وهي كونه ضروري الثبوت لذي الذاتي لضرورية ثبوت الشئ لنفسه، وكونه غنيا عن السبب، فالسبب الموجد لذي الذاتي هو السبب الموجد للذاتي لمكان العينية، وكونه متقدما على ذي الذاتي تقدما بالتجوهر، كما سيجئ إن شاء الله (1).
وقد ظهر مما تقدم أن الحمل بين الذات وبين أجزائه الذاتية حمل أولي.
وبه يندفع الإشكال في تقدم أجزاء الماهية عليها بأن مجموع الأجزاء عين الكل، فتقدم المجموع على الكل تقدم الشئ على نفسه، وهو محال.
وذلك (2) أن الذاتي، سواء كان أعم وهو الجنس أو أخص وهو الفصل، عين الذات، والحمل بينهما أولي، وإنما سمي: (جزءا) لوقوعه جزءا من الحد.
على أن إشكال تقدم الأجزاء على الكل مدفوع بأن التقدم للأجزاء بالأسر على الكل، وبين الاعتبارين تغاير.
الفصل الخامس في الجنس والفصل والنوع وبعض ما يلحق بذلك الماهية التامة التي لها آثار خاصة حقيقية تسمى من حيث هي كذلك (نوعا) كالإنسان والفرس والغنم. وقد بين في المنطق (3) أن من المعاني الذاتية للأنواع الواقعة في حدودها ما يشترك فيه أكثر من نوع واحد كالحيوان الذي يشترك فيه الإنسان والفرس وغيرهما، كما أن منها ما يختص بنوع واحد كالناطق المختص بالإنسان، ويسمى الجزء المشترك فيه (جنسا) والجزء المختص (فصلا).