نهاية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٢٠١
الفصل الأول في إثبات العلية والمعلولية وأنهما في الوجود قد تقدم (1) أن الماهية في حد ذاتها لا موجودة ولا معدومة، فهي متساوية النسبة إلى الوجود والعدم، فهي في رجحان أحد الجانبين لها محتاجة إلى غيرها الخارج من ذاتها، وأما ترجح أحد الجانبين لا لمرجح من ذاتها ولا من غيرها فالعقل الصريح يحيله.
وعرفت سابقا (2) أن القول بحاجتها في عدمها إلى غيرها نوع من التجوز، حقيقته أن ارتفاع الغير - الذي يحتاج إليه في وجودها - لا ينفك عن ارتفاع وجودها، لمكان توقف وجودها على وجوده، ومن المعلوم أن هذا التوقف على وجود الغير، لأن المعدوم لا شيئية له.
فهذا الوجود المتوقف عليه نسميه: (علة)، والشئ الذي يتوقف على العلة (معلولا) له (3).

(١) راجع الفصل الأول من المرحلة الخامسة.
(٢) راجع الفصل الرابع من المرحلة الأولى.
(٣) اعلم أن عبارات الحكماء والمتكلمين في تعريف العلة والمعلول مختلفة. قال الشيخ الرئيس في رسالة الحدود: (إن العلة هي كل ذات يلزم منه أن يكون وجود ذات أخرى إنما هو بالفعل من وجود هذا بالفعل، ووجود هذا بالفعل من وجود ذلك بالفعل)، راجع رسائل ابن سينا ص ١١٧.
وقال في عيون الحكمة: (السبب هو كل ما يتعلق به وجود الشئ من غير أن يكون ذلك الشئ داخلا في وجوده أو محققا به وجوده).
وناقش فيهما فخر الدين الرازي في شرح عيون الحكمة ج ٣ ص ٤٥.
وقال المحقق الطوسي: (كل شئ يصدر عنه أمر إما بالاستقلال أو بالانضمام فإنه علة لذلك الأمر والأمر معلول له). راجع كشف المراد ص ١١٤. وأورد عليه القوشجي في شرحه للتجريد ص ١١٢، ثم قال: (فالصواب أن يقال: العلة ما يحتاج إليه أمر في وجوده).
ولهم في كتبهم عبارات شتى غير ما ذكر في تعريف العلة والمعلول، فراجع شرح المنظومة ص ١١٧، والأسفار ج ٢ ص ١٢٧، وحكمة الاشراق ص ٦٢، وشرح المقاصد ج ١ ص ١٥٢، وشرح المواقف ص ١٦٨.
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست