واسطة. وعلة متوسطة لما دونها من المثال، ومرتبة المثال معلولة للعقل وعلة لمرتبة المادة والماديات، وقد تقدمت إلى ذلك إشارة (1) وسيجئ توضيحه (2).
فمرتبة الوجود العقلي أعلى مراتب الوجود الامكاني وأقربها من الواجب (تعالى) والنوع العقلي منحصر في فرد، فالوجود العقلي بما له من النظام ظل للنظام الرباني الذي في العالم الربوبي الذي فيه كل جمال وكمال.
فالنظام العقلي أحسن نظام ممكن وأتقنه، ثم النظام المثالي الذي هو ظل للنظام العقلي، ثم النظام المادي الذي هو ظل للمثال. فالنظام العالمي العام أحسن نظام ممكن (3) وأتقنه (4).
الفصل الثامن عشر في الخير والشر ودخول الشر في القضاء الإلهي الخير ما يطلبه ويقصده ويحبه كل شئ ويتوجه إليه كل شئ بطبعه، وإذا تردد الأمر بين أشياء فالمختار خيرها، فلا يكون إلا كمالا وجوديا يتوقف عليه وجود الشئ كالعلة بالنسبة إلى معلولها، أو كمالا أولا هو وجود الشئ بنفسه، أو كمالا ثانيا يستكمل الشئ به ويزول به عنه نقص. والشر يقابله، فهو عدم ذات أو عدم كمال ذات.
والدليل على أن الشر عدم ذات أو عدم كمال ذات أن الشر لو كان أمرا وجوديا لكان إما شرا لنفسه أو شرا لغيره، والأول محال، إذ لو اقتضى الشئ عدم نفسه لم يوجد من رأس، والشئ لا يقتضي عدم نفسه ولا عدم شئ من كمالاته الثانية، لما بينه وبينها من الرابطة الوجودية، والعناية الإلهية أيضا توجب إيصال كل شئ إلى كماله، والثاني أيضا محال، لأن كون الشر - والمفروض أنه