بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي علمنا قواعد العقائد الدينية، ونور قلوبنا بالمعارف القرآنية، ودل عقولنا على وجوده بالآيات الجلية، وقوى أقدامنا بالبراهين اليقينية، ومن علينا بالرسالة المحمدية، وهيأ لنا النعمات الدنيوية والأخروية. والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وآله الطيبين الطاهرين.
وبعد، فإن للإنسان قوة يمتاز بها من سائر الحيوانات، وهي القوة النطقية التي بها يتعقل المعقولات ويتمكن من النظر والاستدلال واكتساب المجهولات. ولما كانت المجهولات كثيرة وكان العلم بها ذا شعب متكثرة، بحيث لا يمكن للواحد الإحاطة بجميعها، فافترق أهل العلم إلى فرق مختلفة. فذهب بعضهم إلى تحصيل الفقه وتحقيقه، وبعضهم إلى النحو والصرف، وبعضهم إلى غيرها، وبعض آخر إلى علم الفلسفة الذي يبحث فيه عن أحوال الموجود بما هو موجود، وهذا العلم له شأن من الشأن بل أقوى العلوم برهانا وأشرفها غاية، ولهذا صرف كثير من المحققين هممهم في تحصيله وتحقيقه، وألفوا مؤلفات قيمة، ومنها كتاب (نهاية الحكمة) للعلامة المحقق السيد محمد حسين الطباطبائي " قدس سره ".
ولما كان هذا الكتاب من الكتب الفلسفية المتداولة للدراسة عند محصلي العلوم في الحوزات العلمية وغيرها ومحط أنظار الأساتيذ وأهل العلم والتحقيق قمت بتصحيحه وتحقيق متنه وتخريج أقواله من منابعها، واعتمدت في ذلك على أهم الجوامع الفلسفية والكلامية، وكذا علقت عليه بتعليقات لازمة لإزاحة