فالموجود الامكاني - مثلا - له وجود لا بنفسه بل بغيره، فإذا اعتبر بالنظر إلى نفسه كان وجودا، وإذا اعتبر بالنظر إلى غيره كان إيجادا منه وصدق عليه أنه موجد له. ثم إن وجوده باعتبارات مختلفة إبداع وخلق وصنع ونعمة ورحمة، فيصدق على موجده أنه مبدع خالق صانع منعم رحيم.
ثم إن الشئ الذي هو موجده إذا كان مما لوجوده بقاء ما - فإن بين يديه ما يديم به بقاءه ويرفع به جهات نقصه وحاجته - إذا اعتبر في نفسه، انتزع منه أنه رزق يرتزق به، وإذا اعتبر من حيث إنه لا بنفسه بل بغيره الذي هو علته الفياضة له، صدق على ذلك الغير أنه رازق له، ثم صدق على الرزق أنه عطية ونعمة وموهبة وجود وكرم بعنايات أخر مختلفة، وصدق على الرازق أنه معط منعم وهاب جواد كريم إلى غير ذلك، وعلى هذا القياس سائر الصفات الفعلية المتكثرة بتكثر جهات الكمال في الوجود.
وهذه الصفات الفعلية صادقة عليه (تعالى) صدقا حقيقيا، لكن لا من حيث خصوصيات حدوثها وتأخرها عن الذات المتعالية حتى يلزم التغير فيه (تعالى وتقدس)، وتركب ذاته من حيثيات متغايرة كثيرة، بل من حيث إن لها أصلا في الذات ينبعث عنه كل كمال وخير، فهو (تعالى) بحيث يقوم به كل كمال ممكن في موطنه الخاص به، فهو (تعالى) بحيث إذا أمكن شئ كان مرادا له، وإذا أراد شيئا أوجده، وإذا أوجده رباه، وإذا رباه أكمله، وهكذا، فللواجب (تعالى) وجوبه وقدمه، وللأشياء إمكانها وحدوثها.
الفصل الحادي عشر في علمه (تعالى) قد تحقق فيما تقدم (1) أن لكل مجرد علما بذاته، لحضور ذاته المجردة عن