فلا غنى لوجود ممكن - سواء كان ماديا أو مجردا - عن العلة الفاعلية. فمن رام قصر العلل في العلة المادية ونفي العلة الفاعلية فقد رام إثبات فعل لا فاعل له، فاستسمن ذا ورم.
الفصل السابع في أقسام العلة الفاعلية ذكروا للفاعل أقساما (1)، أنهاها بعضهم إلى ثمانية (2). ووجه ضبطها على ما ذكروا (3) أن الفاعل إما أن يكون له علم بفعله ذو دخل في الفعل أو لا، والثاني إما أن يلائم فعله طبعه وهو (الفاعل بالطبع) أو لا يلائم فعله طبعه وهو (الفاعل بالقسر). والأول - أعني الذي له علم بفعله ذو دخل فيه - إما أن لا يكون فعله بإرادته وهو (الفاعل بالجبر)، أو يكون فعله بإرادته، وحينئذ إما أن يكون علمه بفعله في مرتبة فعله بل عين فعله وهو (الفاعل بالرضا)، وإما أن يكون علمه بفعله قبل فعله، وحينئذ إما أن يكون علمه بفعله مقرونا بداع زائد على ذاته وهو (الفاعل بالقصد)، وإما أن لا يكون مقرونا بداع زائد بل يكون نفس العلم منشأ لصدور المعلول، وحينئذ فإما أن يكون علمه زائدا على ذاته وهو (الفاعل بالعناية)، أو غير زائد وهو (الفاعل بالتجلي)، والفاعل - كيف فرض - إن كان هو وفعله المنسوب إليه فعلا لفاعل آخر كان (فاعلا بالتسخير).
فللعلة الفاعلية ثمانية أقسام:
الأول: الفاعل بالطبع، وهو الذي لا علم له بفعله مع كون الفعل ملائما لطبعه،