الفصل الأول في تعريف العلم وانقسامه الأولي وبعض خواصه وجود العلم ضروري عندنا بالوجدان، وكذلك مفهومه بديهي لنا (1)، وإنما نريد بالبحث في هذا الفصل الحصول على أخص خواصه.
فنقول: قد تقدم في بحث الوجود الذهني (2) أن لنا علما بالأشياء الخارجة عنا في الجملة، بمعنى أنها تحضر عندنا بماهياتها بعينها لا بوجوداتها الخارجية التي تترتب عليها آثارها الخارجية، فهذا قسم من العلم، ويسمى: (علما حصوليا).
ومن العلم أيضا علم الواحد منا بذاته التي يشير إليها ويعبر عنها ب (أنا)، فإنه لا يلهو عن نفسه ولا يغفل عن مشاهدة ذاته، وإن فرضت غفلته عن بدنه وأجزائه وأعضائه.
وليس علمه هذا بذاته بحضور ماهية ذاته عند ذاته حضورا مفهوميا وعلما حصوليا، لأن المفهوم الحاضر في الذهن كيفما فرض لا يأبى بالنظر إلى نفسه الصدق على كثيرين، وإنما يتشخص بالوجود الخارجي، وهذا الذي يشاهده من نفسه ويعبر عنه ب (أنا) أمر شخصي بذاته غير قابل للشركة بين كثيرين، وقد تحقق