كلام بمنزلة المدخل لهذه الصناعة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
إنا معاشر الناس أشياء موجودة جدا، ومعنا أشياء أخر موجودة ربما فعلت فينا أو انفعلت منا، كما أنا نفعل فيها أو ننفعل منها.
هناك هواء نستنشقه، وغذاء نتغذى به، ومساكن نسكنها، وأرض نتقلب عليها، وشمس نستضئ بضيائها، وكواكب نهتدي بها، وحيوان، ونبات، وغيرهما.
وهناك أمور نبصرها، وأخرى نسمعها، وأخرى نشمها، وأخرى نذوقها، وأخرى وأخرى.
وهناك أمور نقصدها أو نهرب منها، وأشياء نحبها أو نبغضها، وأشياء نرجوها أو نخافها، وأشياء تشتهيها طباعنا أو تتنفر منها، وأشياء نريدها لغرض الاستقرار في مكان أو الانتقال من مكان أو إلى مكان أو الحصول على لذة أو الإتقاء من ألم أو التخلص من مكروه أو لمآرب أخرى.
وجميع هذه الأمور التي نشعر بها، ولعل معها ما لا نشعر بها، ليست بسدى، لما أنها موجودة جدا وثابتة واقعا. فلا يقصد شئ شيئا إلا لأنه عين خارجية وموجود واقعي أو منته إليه، ليس وهما سرابيا. فلا يسعنا أن نرتاب في أن هناك وجودا، ولا أن ننكر الواقعية مطلقا، إلا أن نكابر الحق فننكره أو نبدي الشك فيه،