قلت: الوجه في ذلك ما تقدم في الأبحاث السابقة (1) أن كل نوع مجرد منحصر في فرد، ولازم ذلك أن سلسلة العقول التي يثبتها البرهان ويثبت استناد وجود الماديات والآثار المادية إليها، كل واحد من حلقاتها نوع منحصر في فرد، وأن كثرتها كثرة طولية مترتبة منتظمة من علل فاعلة آخذة من أول ما صدر منها من المبدأ الأول إلى أن ينتهي إلى أقرب العقول من الماديات والآثار المادية، فتعين استناد الماديات والآثار المادية إلى ما هو أقرب العقول إليها، وهو الذي يسميه المشاؤون ب (العقل الفعال) (2).
نعم، الإشراقيون منهم (3) أثبتوا وراء العقول الطولية ودونها عقولا عرضية هي أرباب الأنواع المادية، لكنهم يرون وجود كل نوع بأفرادها المادية وكمالاتها مستندا إلى رب ذلك النوع ومثاله (4).
ونظير البيان السابق الجاري في الصور العلمية الكلية يجري في الصور العلمية الجزئية، ويتبين به أن مفيض الصور العلمية الجزئية جوهر مفارق مثالي، فيه (5) جميع الصور الجزئية على نحو العلم الاجمالي، تتحد به النفس على قدر ما لها من الاستعداد، فيفيض عليها الصور المناسبة.
الفصل الثامن ينقسم العلم الحصولي إلى تصور وتصديق فإنه إما صورة ذهنية حاصلة من معلوم واحد من غير إيجاب أو سلب كالعلم