ننقل الكلام إلى الوجود المتقدم فيتسلسل.
واعترض عليه (1): بأنه لم لا يجوز أن تكون ماهيته علة مقتضية لوجوده، وهي متقدمة عليه تقدما بالماهية، كما أن أجزاء الماهية علل قوامها وهي متقدمة عليها تقدما بالماهية لا بالوجود؟
ودفع (2): بأن الضرورة قائمة على توقف المعلول في نحو وجوده على وجود علته، فتقدم العلة في نحو ثبوت المعلول غير أنه أشد، فإن كان ثبوت المعلول ثبوتا خارجيا كان تقدم العلة عليه في الوجود الخارجي، وإن كان ثبوتا ذهنيا فكذلك.
وإذ كان وجود الواجب لذاته حقيقيا خارجيا وكانت له ماهية هي علة موجبة لوجوده كان من الواجب أن تتقدم ماهيته عليه في الوجود الخارجي لا في الثبوت الماهوي، فالمحذور على حاله.
حجة أخرى (3): كل ماهية فإن العقل يجوز بالنظر إلى ذاتها أن تتحقق لها وراء ما وجد لها من الأفراد أفراد أخر إلى ما لا نهاية له. فما لم يتحقق من فرد فلامتناعه بالغير، إذ لو كان لامتناعه بذاته لم يتحقق منه فرد أصلا.
فإذا فرض هذا الذي له ماهية واجبا بالذات كانت ماهيته كلية لها وراء ما وجد من أفراده في الخارج أفراد معدومة جائزة الوجود بالنظر إلى نفس الماهية وإنما امتنعت بالغير، ومن المعلوم أن الامتناع بالغير لا يجامع الوجوب بالذات، وقد تقدم أن كل واجب بالغير وممتنع بالغير فهو ممكن (4)، فإذن الواجب بالذات لا ماهية له وراء وجوده الخاص