الاشتراك في الثاني بل أراد أن الوجود ومعروضه أوليس لهما هويتان متمايزتان نقوم إحديهما بالأخرى كالسواد بالجسم وقد
عرفت أن هذا هو الحق الصريح فالاتحاد الذي ادعاه الشيخ على ما مر في الأمور العامة إنما هو باعتبار ما صدقا عليه وذلك لا ينافي اشتراك مفهوم الوجود فلا منافاة بين كون الوجود عين الماهية بالمعنى الذي صورناه وبين اشتراكه بين الخصوصيات المتمايزة بذواتها والأكثرون توهموا أن ما نقل عنه من أن الوجود عين الماهية ينافي دعوى اشتراكه بين الموجودات إذ يلزم منهما معا كون الأشياء كلها متماثلة متفقة لحقيقة وهو باطل فلذلك قال (واعلم أن هذا المقام مزلة للأقدام مضلة للأفهام وهذا) الذي حققناه لك هو (غاية ما يمكن فيه من التقرير والتحرير لم نأل فيه جهدا ولم ندخر نصحا وعليك بإعادة التفكر وإمعان التدبر والثبات عند البوارق) اللامعة من الأفكار (وعدم الركون إلى أول عارض) يظهر ببادي الرأي كما ركن إليه من حكم بأن كلام الشيخ في مباحث الرؤية حيث ادعى اشتراك الوجود ينافي ما تقدم حيث قال وجود كل شئ عينه (ولله العون والمنة) في إدراك الحقائق والاهتداء إلى الدقائق * (السابع) من الاعتراضات (لا نسلم إلى أن علة صحة الرؤية إذا كانت موجودة في القديم كانت صحة الرؤية ثابتة فيه) كما في الحوادث (لجواز أن تكون خصوصية الأصل شرطا أو خصوصية الفرع مانعا والجواب تعلمه مما قدمناه إليك) وهو بيان أن المراد بعلة (صحة الرؤية متعلقها وأن متعلقها هو الوجود مطلقا أعني كون الشئ ذا هوية ما لا خصوصيات الهويات والوجودات كما في الشبح المرئي من بعيد بلا إدراك لخصوصيته وإذا كان متعلقها مطلق الهوية
المشتركة لم يتصور هناك اشتراط بشرط معين ولا تقييد بارتفاع مانع ولقد بالغ المصنف في ترويج المسلك العقلي لإثبات صحة رؤيته تعالى لكن لا يلتبس على الفطن المصنف أن مفهوم الهوية المطلقة
المشتركة خصوصيات الهويات أمر اعتباري كمفهوم الماهية والحقيقية فلا تتعلق بها الرؤية أصلا وأن المدرك من الشبح البعيد هو خصوصيته الموجودة إلا أن إدراكها إجمالي لا يتمكن به على تفصيلها فإن مراتب
____________________
تلك الوجودات من قبيل الوضع العام مع خصوص الموضوع له كما حقق في نظائره (قوله إنما هو باعتبار ما صدقا عليه) بمعنى أن ما صدق عليه أحدهما صدق عليه الآخر كما صرح به المصنف (قوله لجواز أن يكون خصوصية الأصل شرطا) فإن الأمور المشتركة بين الجواهر والأعراض كالمقابلة والتحيز ونظائرهما معللة بالوجود المادي لا بالوجود فقط حتى يتعدى إلى الواجب فلعل المرئية كذلك (قوله لكن لا يلتبس على الفطن المصنف) قال الإمام الرازي في نهاية العقول من أصحابنا من التزم أن المرئي هو الوجود فقط وأنا لا نبصر اختلاف المختلفات بل نعلمه