نهاية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٤٧
ومن المبصرات النور، وهو غني عن التعريف (1)، وربما يعرف ب‍ (أنه الظاهر بذاته المظهر لغيره) (2) وينبغي أن يراد به إظهاره الأجسام للبصر، ولو أطلق الإظهار كان ذلك خاصة للوجود. وكيف كان، فالمعروف من مذهبهم: (أنه كيفية مبصرة توجد في الأجسام النيرة بذاتها أو في الجسم الذي يقابل نيرا من غير أن ينتقل من النير إلى المستنير)، ويقابله الظلمة مقابلة العدم للملكة (3). وقيل (4): (إن النور جوهر جسماني). وقيل (5): (أنه ظهور اللون).
والمسموعات: هي الأصوات، والصوت كيفية حاصلة من قرع عنيف أو قلع عنيف مستتبع لتموج الهواء الحامل للأصوات، فإذا بلغ التموج الهواء المجاور لصماخ الأذن أحس الصوت (6). وليس الصوت هو

(١) كما كان اللون غنيا عن التعريف، لظهورهما، فإن الاحساس بجزئياتهما قد اطلعنا على ماهيتهما اطلاعا لا يفي به ما يمكننا من تعريفاتهما على تقدير صحتها.
وعرفه الرازي في المباحث المشرقية ج ١ ص ٣٠١ ب‍ (أنه الكيفية التي لا يتوقف الإبصار بها على الإبصار بشئ آخر). وزيفه صدر المتألهين في الأسفار ج ٤ ص ٩٠ بأنه تعريف بما هو أخفى.
(٢) هكذا عرفه الشيخ الإشراقي في حكمة الاشراق، فراجع شرح حكمة الاشراق (كلام الماتن) ص ٢٩٥.
(٣) اعلم أن في تقابل الظلمة والنور مذاهب ثلاثة: أحدها: ما ذهب إليه الإشراقيون، وهو تقابل السلب والإيجاب. وثانيها: ما ذهب إليه المشاؤون، وهو تقابل العدم والملكة، كما قال الشيخ الرئيس في الفصل الأول من المقالة الثانية من الفن السادس من طبيعيات الشفاء: (فإن الظلمة عدم الضوء فيما من شأنه أن يستنير). وثالثها: ما ذهب إليه المتكلمون، وهو تقابل التضاد.
(٤) والقائل بعض الحكماء الأقدمين على ما نقل في شرح المواقف ص ٢٥٦. وراجع الفصل الثاني من المقالة الثالثة من الفن السادس من طبيعيات الشفاء. وأشار إلى بطلانه في كشف المراد ص ٢١٩.
(٥) تعرض له وللإجابة عليه الشيخ الرئيس في الفصلين الثاني والثالث من المقالة الثالثة من الفن السادس من طبيعيات الشفاء. وصدر المتألهين في الأسفار ج ٤ ص ٩١ - ٩٤.
(٦) هذا ما ذهب إليه الفلاسفة في تعريف الصوت فراجع الفصل الخامس من المقالة الثانية من الفن السادس من طبيعيات الشفاء، وكشف المراد ص ٢٢٠، والأسفار ج ٤ ص ٩٨، والمباحث المشرقية ج ١ ص ٣٠٥.
وأما المتكلمون فقال صاحب المواقف - على ما في شرح المواقف ص ٢٦٠ -: (والحق أن ماهيته بديهية مستغنية عن التعريف). وقال التفتازاني في شرح المقاصد ج 1 ص 216:
(والصوت عندنا يحدث بمحض خلق الله تعالى من غير تأثير لتموج الهواء والقرع والقلع كسائر الحوادث).
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست