الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٦٤
ادراك للمنافي العدمي كتفرق الاتصال ونحوه بالعلم الحضوري وهو الذي يكون العلم فيه هو المعلوم بعينه لا صوره أخرى حاصله منه فليس في الألم أمران (1) أحدهما مثل

(1) أقول المحقق الدواني لم يجعل المدرك تفرق الاتصال فقط حتى يقال لما كان المدرك في العلم الحضوري عين الادراك والتفرق عدم فالألم عدمي فله ان يقول سلمنا ان الادراك عين المدرك لو كان العلم حضوريا لكن لا نسلم ان المدرك هو تفرق الاتصال فقط وإن كان هو أيضا مدركا على نحو ادراك الأمور العدمية بل غير الملائم المتعلق للادراك المعتبر في تعريف الألم هو الحالة الوجودية الوحدانية الموجعة غير عدم الاتصال ولا سيما إذا كان السبب سوء المزاج وكيف يكون تلك الحالة الوجدانية عدما وإن كان عدما للملكة والعدم بما هو عدم أينما تحقق لا خبر عنه ولا اثر له وفي تلك الحالة المؤذية كل الأثر والخبر وهو قده قال في مبحث حركة والسكون في رد من قال بنفي وجود حركة القطعية لكل ماهية نحو خاص من الوجود وكونها في الأعيان عبارة عن صدقها على امر وتحقق حدها فيه كما ذكره الشيخ في باب المضاف انتهى فإذا كان حركة والمضاف وغيرهما من ضعفاء الوجود وجوديه فكيف لا يكون الآلام والأوجاع وجوديه.
ثم في قوله لكن له ثبوت على نحو ثبوت اعدام الملكات وقوع فيما هرب عنه إذ حينئذ يكون الشر وجوديا الا ان يكون مراده من الثبوت تحقق العدم ووقوعه بنحو العدم كما أن تحقق الباطل بطور البطلان وتحقق المحال بطور المحالية والا لم يتحققا يدل عليه قوله فوجود العدم عين ذلك العدم لكن لا نسلم كفاية هذا القدر من التحقق وهو اللا تحقق حقيقة لتلك الحالة المؤذية وأيضا قد اختلفوا في أن سبب الألم هو تفرق الاتصال أو سوء المزاج كما هو المشهور وفي هذا الكتاب أيضا مسطور فادراك التفرق ادراك سبب الألم وادراك غير الملائم الذي هو الألم ادراك تلك الحالة المؤذية ولكون الألم وجوديا استشكلوا في كون التفرق العدمي عله للألم الوجودي ووكدوا في الفصية عنه بارجاع التفرق إلى الامر الوجودي.
فالتحقيق في دفع شبهه المحقق الدواني ان يقال المدرك منافي الألم الذي هو نحو من الادراك الحضوري اما تفرق الاتصال ونحوه من الاعدام فيكون الشر عدميا كما قاله المصنف قده واما امر وجودي كما ذكره المورد وذكرنا أيضا في ابداء الاحتمال في المنع فنقول الألم بما هو وجودي وجع وبما هو وجع خير وليس شرا بالذات ولكن فرق بين كون الشئ خيرا في ذاته وبين كونه ملائما لشئ فمجرد عدم الملايمة لشخص الناشئ من انفعاله وضعف نفسه لا يخرجه عن الخيرية ثم كيف يكون ذلك الوجود شرا في ذاته وماهيته والحال ان كل وجود ملائم ماهيته ومسؤول عينه الثابت.
فالجسم يقتضى وجودا عين الكثرة بالقوة والكم المنفصل يستدعى وجودا عين الكثرة بالفعل والمتصل القار وجودا قارا وغير القار وجودا غير قار والنار وجودا نزاعا قطاعا وسم الحية وجودا لزاعا ولا شئ منها شرور لذاتها وماهياتها فهكذا في الألم وانما لم يمكن ان يوصف هذه بالشرية لان ما يعد شرا لشئ هو ما هو مناف لوجوده وهذا انما يتم فيما كان موجودا أولا حتى يكون شئ منافيا له عادما لذاته أو كماله وكلامنا في الاستدعاء الذاتي الأولى الأزلي لنفس الوجود للأعيان الثابتة اللازمة للأسماء المستفيضة بالفيض الأقدس في المرتبة الوحدية للخير المحض فلا شيئية لها هناك الا شيئية الماهية و بالجملة الاستدعاء في العلم للموجودات الخاصة في العين والذي يدلك دلاله واضحه عليه انه لو كانت الآلام شرورا بالذات والذاتي لا يختلف ولا يتخلف لكانت هذه في علم الله تعالى أيضا شرورا ولا سيما ان علمه تعالى بها حضوري وهو عين المعلوم وحيث لا يحكم عليها بالشرية هناك لفعاليته وكون علمه تعالى فعليا وخيرا كله وعدم انفعاله وتأثره إذ لا مادة ولا ماهية له وراء الانية البحتة علمنا أن شرية الأوجاع في علمنا ليست باعتبار كونها ادراكات ووجودات بل باعتبار الانفعالات والتأثرات وهي عدميات فثبت ان الشرور بالذات اعدام.
ثم إن فيها من الخيرات الإضافية ما لا تعد ولا تحصى فإنها من حيث الإضافة الصدورية إلى القلم الاعلى خيرات حيث إن المعلول ملائم علته ومقتضى ذاتها وكذا من حيث إن السعداء والمقربين بها يرتقون إلى المقامات العالية من الصبر والرضا والتسليم وغيرها وكذا بهذه الادراكات المؤلمة يحصل الاطلاع على أحوال أهل الابتلاء فيستغيثون ويغاثون من أن شريتها بالذات مع وجوديتها معارضه بالدليل الذي ذكره قده حذو العلامة الشيرازي س قده.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في تحصيل مفهوم التكلم 2
2 في تحصيل الغرض من الكلام 5
3 تمثيل 7
4 استشهاد تأييد 8
5 في الفرق بين الكلام والكتاب والتكلم والكتابة 10
6 في وجوه من المناسبة بين الكلام والكتاب 13
7 في مبدء الكلام والكتاب وغايتهما 14
8 في فائدة انزال الكتب وارسال الرسل إلى الخلق 19
9 في كيفية انزال الكلام وهبوط الوحي من عند الله بواسطة الملك على قلب النبي وفؤاده ثم إلى خلق الله وعباده لبروزه من الكتب إلى الشهادة 22
10 إنارة قبيلته وإشارة نورية 26
11 في كشف النقاب عن وجه الكتاب ورفع الحجاب عن سر الكلام وروحه لأولى الألباب 30
12 في تحقيق كلام أمير المؤمنين وامام الموحد على (ع) كما ورد ان جميع القرآن في باء بسم الله وانا نقطة تحت الباء 32
13 في بيان الفرق بين كتابة المخلوق وكتابة الخالق 34
14 في تحقيق قول النبي (ص) ان للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا 36
15 تذكرة تمثيلية 39
16 في توضيح ما ذكرناه وتبيين ما أجملناه من كون معرفة لب الكتاب مختصة باهل الله من ذوي البصائر والألباب 40
17 رمز قرآني وتلويح كلامي 40
18 اشعار تنبيهي 43
19 في نعت القرآن بلسان الرمز والإشارة 44
20 تنبيه واشعار 45
21 في الإشارة إلى نسخ الكتب ومحوها واثباتها 47
22 في ذكر ألقاب القرآن ونعوته 50
23 الموقف الثامن في العناية الإلهية الرحمة الواسعة لكل شئ وكيفية دخول الشر والضر في المقدورات الكائنة بحسب القضاء الإلهي والتقدير الرباني وفيه فصول 55
24 في القول في العناية 55
25 في مباحث الخير والشر 58
26 شك وتحقيق 62
27 في اقسام الاحتمالات التي للموجود من جهة الخير والشر 68
28 في ان جميع أنواع الشرور من القسم المذكور لا توجد الا... 70
29 في كيفية دخول الشرور في القضاء الإلهي 72
30 في دفع أوهام وقعت للناس في مسئلة الخير والشر 78
31 في ان وقوع ما يعده الجمهور شرورا في هذا العالم قد تعلقت به... 91
32 في بيان كيفية أنواع الخيرات والشرور الإضافية 94
33 حكمة أخرى 101
34 في ان العالم المحسوس كالعالم المعقول مخلوق على أجود... 106
35 في بيان ان كل مرتبة من مراتب مجعولاته أفضل ما يمكن وأشرف... 108
36 في نبذ من آثار حكمته (تعالى) وعنايته في خلق السماوات والأرض 118
37 في ذكرا نموزج من آثار عنايته في خلق المركبات 124
38 في آيات حكمته وعنايته في خلق الانسان 127
39 في عنايته تعالى في خلق الأرض وما عليها لينفع بها الانسان... 134
40 في بدائع صنع الله في الاحرام الفلكية والأنوار الكوكبية 139
41 في اثبات ان جمعي الموجودات عاشقة لله سبحانه مشتاقة إلى لقائه 148
42 في بيان طريق آخر في سريان معنى العشق في كل الأشياء 158
43 في بيان ان المعشوق الحقيق لجميع الموجودات وان كان شيئا واحدا... 160
44 في التنبيه على اثبات الصور المفارقة التي هي مثل الأصنام الحيوانية 169
45 في ذكر عشق الظرفاء والفتيان للأوجه الحسان 171
46 في ان تفاوت المعشوقات لتفاوت الوجودات 179
47 في اختلاف الناس في المحبوبات 184
48 في الإشارة إلى المحبة الإلهية المختصة بالعرفاء الكاملين... 188
49 الموقف التاسع في تمهيد أصول يحتاج إلى معرفتها في تحقيق وأول الهويات... 192
50 في ان أول ما يصدر عن الحق يجب ا ن يكون أمرا واحدا 204
51 في سياقة أخرى من الكلام لتبين هذا المرام أورده (بهمنيار) 207
52 وهناك مساق آخر في البرهان على هذا الأصل افاده الشيخ الرئيس... 209
53 في ذكر شكوك أوردت على هذه القاعدة والإشارة إلى دفعها 211
54 وهم وتنوير 219
55 في قاعدة امكان الأشرف الموروثة من الفيلسوف الأول مما يتشعب 244
56 اشكال فكري وانحلال نوري 254
57 تبصرة مشرقية 257
58 في نتيجة ما قدمناه من الأصول وثمرة ما أصلناه في هذه الفصول 258
59 تبصرة تفصيلة 262
60 تكميل انحلالي لشك اعضالي 276
61 الموقف العاشر في الإشارة إلى شرف هذه المسئلة وان دوام الفيض والجود لا ينافي... 282
62 في بيان حدوث الأجسام بالبرهان من مأخذ آخر مشرقي غير ما سلف 297
63 في ذكر ملفقات المتكلمين ونبذ من آرائهم وأبحاثهم في هذه المسئلة 298
64 في بعض احتجاجات المتكلمين وأرباب الملل وانقطاع الفيض 300
65 في طريق التوفيق بين الشريعة والحكمة في دوام فيض الباري وحدوث العالم 326