وكذلك ضرب من النفوس الكاملة الانسانية إذا لحقت بالسابقين المقربين فهي أيضا من هذا القسم فيجب وجود هذا القسم من المبدء الاعلى لأجل كونه خيرا محضا يفعل الخير لا محاله وقد علمت مما سبق من البراهين وجود العالم العقلي ومن قاعده امكان الأشرف والأخس وجود الأشرف قبل وجود الأخس.
والقسم الثاني وهو الذي فيه خير كثير يلزمه شر قليل فيجب وجود هذا القسم أيضا منه لان تركه لأجل شره القليل ترك الخير الكثير وترك الخير الكثير شر كثير فلم يجز تركه فيجب ايجاده عن فاعل الخيرات ومبدء الكمالات ومثال هذا القسم الموجودات الطبيعية التي لا يمكن وجودها على كمالها اللائق بها الا وقد يعرض لها بحسب المصادمات والمصاكات الاتفاقية منع غيرها عن كمالاتها أو محق الكمالات عن غيرها كالنار التي كمالها في قوه الحرارة والاحراق وبها تحصل المصالح العظيمة والمنافع الكثيرة لكن قد يعرض لها احراق بيت ولى وثياب نبي وكذا الماء الذي كماله في البرودة والرطوبة والسيلان وقد يعرض له تغريق بلاد وهلاك عباد وكذلك الأرض والهواء والمطر والسحاب وغير ذلك.
وهذا القسم من الموجودات الممكنة انما يكون فيما يمكن فيه الإحالة والاستحالة والكون والفساد لكن إذا تأملنا حال الشخص المستضر بشئ من هذه العناصر الأربعة وتأملنا حال انتفائه طول عمره بكل واحد منها لم يكن لذلك القدر اليسير من الضرر نسبه يعتد بها إلى ذلك النفع الكثير وإذا كان الامر كذلك في الشخص الواحد المستضر فكيف يكون الحال في نسبه ذلك الضرر اليسير إلى انتفاع جميع الاشخاص الانسانية والحيوانية وغيرها وكذلك الأدوية والأغذية النباتية التي قد يتضرر بها في الندرة وكذلك وجود حيوانات في أنفسها خير الا انه يعرض لها بسبب مصاكات اتفاقية تأدى ضررها إلى غيرها من الحيوانات كالحيات والعقارب والسباع الضارية والجوارح المفترسة وغير ذلك وكذلك الانسان المستعد للكمالات النفسانية والعقلية والخيرات الظنية والحقيقية قد يعتريه بسبب أمور اتفاقية اعتقادات فاسده وجهالات مركبه واخلاق ذميمة واعمال سيئه واقتراف خطيئات تضره في المعاد ولكن هذه الشرور انما تكون في اشخاص