ثم اعلم أنه فرق بين الأحوال التي هي من ضروريات وجود الشئ ولوازم هويته بحيث لا يمكن خلو الموضوع عنها وعما يستلزمها أو ما يلزمها بحسب الواقع والأحوال التي ليست من هذا القبيل فيمكن خلو الموضوع عنها في الواقع فالقسم الأول كالمقدار والوضع والمكان والزمان (1) للجسم والقسم الثاني كالسواد والحرارة والكتابة وأشباهها له ففي القسم الأول لا بد ان يكون محلها وقابلها غير متقوم الذات في وجوده لست أقول في ماهيته ومفهومه الا بصوره محصله إياه مفيدة لوجوده ولهذا لا بد ان يكون محل الجسمية ولوازمها من المقدار والوضع وغيرهما مادة غير متقومه الوجود الا بالصورة المستلزمة لها بخلاف القسم الثاني فان محل السواد وان وجب ان لا يكون متعينا بالسواد ولا باللا سواد وبما يضاده بل بحاله امكانية لا تأبى عن عروض كل من السواد وما يضاده الا ان ذلك المحل يمكن ان يتحصل له وجود غير مفتقر في تقومه إلى صوره لونيه أو سوادية لان اتصافه بالسواد ليس نحو وجوده ولا من لوازم هويته في ذاته فيجوز ان يوجد جسم لا لون له ويمكن ان يتصور عنصر لا حار ولا بارد أعني الحرارة والبرودة المحسوستين العارضتين.
فإذا تقرر هذه المقدمات نقول لا شبهه في أن كون الشئ واقعا في الزمان وفي مقولة متى سواء كان بالذات أو بالعرض هو نحو وجوده كما أن كون الشئ واقعا في المكان وفي مقولة أين سواء كان ذلك الوقوع بالذات أو بالعرض هو نحو وجوده فان العقل المستقيم يحكم بان شيئا من الأشياء الزمانيي أو المكانية يمتنع