عبارة عن حضور ذواتها العاقلة والمعقولة بأنفسها وحضور لوازمها الوجودية بنفس حضور ذواتها الثابتة لذواتها من غير جعل وتأثير مستأنف وتحصيل ثان حسبما قررناه كعلمنا بذاتنا ولوازم ذاتنا غير المنسلخة عنا بحسب وجودنا العيني وهويتنا الادراكية التي هي عين الحياة والشعور.
واما حل الاشكال وحق المقال فيه على وجه تطمئن به القلب وتسكن اليه النفس فهو يستدعى تمهيد مقدمه هي ان كل ملكه راسخة في النفس الانسانية سواء كانت من باب الكمالات أو الملكات العلمية أو من باب الملكات أو الكمالات العملية كملكه الصناعات التي تحصل بتمرن الاعمال وتكرر الافعال كالكتابة والتجارة والحراثة وغيرها فهي انما تحصل بارتباط خاص من النفس بالعقل الفعال لأجل جهة فعليه من الجهات الموجودة فيه لان الأنواع المختلفة لا يكفي في تكثرها ووجودها تكثر القوابل أو تكثر جهاتها القابلية بل يحتاج اما إلى مباد متعددة عقلية كما رآه الأفلاطونيون من أن علل الأنواع المتكثرة في هذا العالم عقول متكثرة هي أربابها واما إلى جهات متعددة فاعليه في العقل الأخير كما هو رأى المشائين.
وبالجملة فجميع الكمات الوجودية في هذا العالم مبدأها ومنشأها من حيث كونها امرا وجوديا من ذلك العالم سواء سميت خيرات أو شرورا إذا لشرور الوجودية شريتها راجعه إلى استلزامها لعدم شئ آخر أو زوال حاله وجوديه له وهي في حد نفسها ومن جهة وجودها تكون معدودة من الخيرات كالزنا والسرقة ونظائرهما ومنها الجهل المركب والكذب فكل منهما في نفسه امر وجودي وصفه نفسانية يعد من الكمالات لمطلق النفوس بما هي حيوانية وانما يعد شرا بالإضافة إلى النفس الناطقة لمضادتها لليقين العلمي الدائم ولملكه الصدق فان الأول خير حقيقي والثاني نافع في تحصيل الحق.
فإذا تمهدت هذه المقدمة (1) فنقول لا يلزم ان يكون ما بإزاء كل ملكه نفسانية