الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٠
أو امر وجودي في العقل الفعال أو في عالم العقل هو بعينه من نوع تلك الملكة أو ذلك الامر بل الذي لا بد منه هو ان يكون فيه امر مناسب لتلك الملكة أو لذلك الامر فاذن كما أن النفس إذا تكررت ملاحظتها لعلوم صادقه حقه حصلت لها ملكه الاتصال والارتباط بشأن من شؤون العقل الفعال متى شائت من هذه الجهة فكذلك إذا ارتسمت فيها صوره قضية كاذبة وتكرر ارتسامها أو التفت النفس إليها التفاتا قويا حصلت لها ملكه الاتصال من هذه الجهة بشأن آخر من شؤونه متى شائت ولا يلزم ان يكون ذلك الشان بعينه قضية ذهنية صادقه ولا هذا قضية كاذبة بل امرا يناسب ذاك أو امرا يناسب هذا فهذا معنى اختزان (1) صور الأشياء في عالم العقل واسترجاع النفس اليه.
وقد أشرنا لك مرارا ان ليس معنى حصول صور الموجودات في العقل البسيط

(1) الحق ان هذا انما يصلح جوابا عن اشكال نزول العلوم الكاذبة عن العقل إلى نفوسنا بما انها من الشرور التي يتنزه عنها العالم الاعلى العقلي واما الاشكال من حيث عدم وجود مطابق لها عند العقل فلا يندفع بوجود ما يناسبها من غير عينيه إذ لولا العينية بوجه لم يكن العلم حصوليا.
وبتقرير آخر العلم الحصولي بما انه علم من ذاتية الحكاية ولا معنى للحكاية من غير محكى يكون وراء ه ولا للطريق من غير غاية بعده فلا معنى للعلم من غير معلوم وراء ه يطابقه فكيف تتصور القضايا الكاذبة.
والحق في الجواب ان العلم بما هو علم لا يقبل الخطاء لما ذكر من كونه بالذات حاكيا لما ورائه وانما هو في العلوم الكلية العقلية من دعابة المتخيلة وشيطنة الواهمة حيث تضع ما ليس بالموضوع مكان الموضوع أو ما ليس بالمحمول مكان المحمول فافهم ذلك ولبيانه التفصيلي مقام آخر ط مد ظله.
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست