الحافظة لها وما في حاله النسيان فزال عنهما جميعا اما زوالها عن المدركة فبمحوها عنها واما زوالها عن الحافظة فبزوال نسبه كونها حافظه لبطلان استعداد النفس وتهيؤها للاتصال بها وقبول الفيض عنها ففي القوى الانطباعية لقبولها التكثر والانقسام جاز عند العقل ان يكون بعضها مدركا وبعضها حافظا كما هو المشهور من أن موضعا من تجاويف الدماغ فيه محل الادراك وقبول الصور وموضعا آخر فيه محل الحفظ والإدامة.
واما القوة الغير المنطبعة كالعاقلة منا فلا يمكن انقسامها إلى محل الادراك ومحل الحفظ والاختزان فلا جرم خازن المعقولات جوهر عقلي يختزن فيه صور الأشياء المعقولة كلما توجهت النفس اليه انتقشت بصوره ما تناسبه وإذا أعرضت عنه إلى ما يلي العالم الحسى والدار الجسدانية أو إلى صوره أخرى انمحت عنها المتمثلات وغابت كمرآة تحاذي بها جانب صوره مطلوبه بعد ان صارت مجلوة وأزيلت عنها الغشاوة والصدى بتجشم اكتساب وتعمل وتكلف فمهما بقيت على وضع المحاذاة كانت الصورة منعكسة فيها أو فائضة عليها على اختلاف الرايين أعني الاشراق (1) والرشح في الممثل له كما في المثال وكلاهما غير ما هو المختار عندنا فيهما كما أشرنا اليه ومهما تحولت وانصرفت زالت عنها فاذن النفس متى كانت مجلوة المرآة متطهرة القلب بقيت على ملكه الاتصال و استعداد الاستشراق وقابلية الارتسام التي اكتسبتها فكان المنمحي عنها مذهولا عنه لا نسيا منسيا وكانت قويه على الاسترجاع والإعادة من دون تعمل اكتساب جديد