بكونه مسلوبا عنه وبالعكس فإنه لا يكون عادما لشئ من الأشياء فحيث هو هو (1) كانت الأشياء كلها فيه وحيث يكون شئ من الأشياء كان هو معه كما في قوله وهو الذي في السماء اله وفي الأرض اله وقوله وهو معكم أينما كنتم وقوله ما يكون من نجوى ثلثه الا هو رابعهم ولا خمسه الا هو سادسهم الآية إلى غير ذلك من الآيات القرآنية والسنة النبوية وفيما صحت روايته عن علي ع أنه قال مع كل شئ لا بمقارنة وغير كل شئ لا بمزايلة حجه قويه على هذا المطلب من طريقه النقل والسماع.
فهذه مناهج اثبات العقل المفارق وعالمه وسيأتي بيان كثره العقول وتفاصيل ما في عالمها وحسن ترتيبه وجوده نظامه واشتمال ذلك العالم على جميع الطبائع النوعية التي في هذا العالم مع ما يزيد عليها على وجه أعلى وأشرف في موضعه حسبما قدمنا ذكره في مباحث الماهية.
واعلم أن لنا منهجا آخر في اثبات علم العقل وهو من جهة اثبات الخزانة للمعقولات كما قال عز اسمه وان من شئ الا عندنا خزائنه وقوله ولله خزائن السماوات والأرض وبيانه انا قد نعلم شيئا معقولا ثم ننسى ولا نذكره أصلا بل نحتاج في ادراكه إلى تجشم تحصيل جديد وكسب مستأنف وربما نذهل عنه ذهولا ثم نتذكره بعد التوجه والالتفات من غير حاجه إلى كسب جديد فعند الذهول والنسيان كليهما لا شك ان الصورة غير حاصله في قوتنا المدركة والا لكانت مدركه بالفعل إذ لا معنى للادراك الا حصول صوره الشئ في القوة الدراكة.
لكن يجب الفرق بين حالتي الذهول والنسيان والفرق بينهما ليس الا بكون الصورة حاله الذهول وان لم تكن حاصله في القوة المدركة لكنها حاصله في القوة