الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ١٥٢
وظاهر ان كل واحد من هذه الموجودات الناقصة طالبه للكمال الذي يتم به وجوده فالصورة الحافظة للتركيب كمالها في أن تصير ذات قوه تزيد بها في مقدار شخصه بان يجذب الغذاء ويحيله إلى جوهره المغتذى ويلصقه باجزائه على نسبه لائقة ويزيد بها في اعداد نوعه بالتوليد وإذا حصل هذا الكمال وبحسبه درجه من القرب إلى المبدء المتعال الذي هو الغاية في الفضيلة من كل وجه حاول كمالا أتم من ذلك وأقرب إلى الكمال الحقيقي من جميع الوجوه وهو كونه ذا صوره حساسة ثم متخيله ثم ذاكره ثم عاقله للأشياء بالملكة بادراك الأوليات ثم عاقله لها بالفعل بادراك الثواني النظريات ثم صائرة عقلا بسيطا فعالا للمعقولات ثم راجعه إلى الله تعالى راضية مرضيه كل ذلك بأشواق متتالية وأذواق متلاحقة كل عشق سابق عله للوصول إلى معشوق لاحق يكون غاية لذلك العشق السابق وهكذا إلى أن يصل إلى معشوق المعاشيق وغاية اللذات والرغبات ومنتهى الحركات.
والأول من الثاني وهو ما يكون ناقصا من كل جهة كالهيولي الجسمانية فإنها في ذاتها قوه كل شئ لا قوام لها الا بما تحلها من الصور فحقيقتها عين الحاجة والافتقار بل عين التشوق إلى كل صوره كمالية بالفعل والشيخ الرئيس انكر في طبيعيات الشفا كونها مشتاقة إلى الصور كما هو المنقول عن المتقدمين غاية الانكار ثم إنه قد اعترف بذلك في رسالته التي صنفها في العشق وكيفية سريانه في جميع الموجودات لكنه اقتصر في بيان كيفية عشقها بعدم عريها عن جميع الصور وبكونها دائمة التلبس بشئ ء من الصور وكذا اقتصر في كيفية عشق سائر البسائط العنصرية والمركبات المعدنية بميلها الطبيعي إلى احيازها وفي النباتات بما فيها من قوه التغذية وطلب الزيادة في الأقطار وقصد التوليد من غير أن يثبت لها شعورا وحيوه.
وأنت ان اثبات العشق (1) في شئ بدون الحياة والشعور فيه كان مجرد

(1) لفظ العشق بحسب العرف العامي انما يستعمل في التعلق الخاص الكائن بين الذكر والأنثى من الحيوان وهو حب الوقاع لكنه في التعارف الخاصي مرادف أو كالمرادف للحب وهو تعلق خاص من ذي الشعور بالجميل من حيث هو جميل بحيث يأبى المحب مفارقه المحبوب إذا وجده ويميل اليه إذا فقده ولما كان كل جمال وحسن وخير وسعادة راجعه إلى الوجود كرجوع مقابلاتها إلى العدم وكان هذا النوع من التعلق موجودا بين كل مرتبه من مراتب الوجود وبين ما فوقها وكذا بينه وبين نفسها وهي متعلقه بما فوقها وكذا بينها وبين كمالاتها الثانية وآثارها المترتبة عليها وجب الحكم يكون الحب ساريا في الموجودات سواء قلنا بسريان الحياة والشعور فيها أو لم نقل.
ومن هنا يظهر ان العلم والشعور خارج عن مفهوم الحب وان قلنا بتصادقهما كليا فقوله ان اثبات العشق في شئ بدون الحياة والشعور فيه كان مجرد تسميه لا يخلو من نظر ط مد
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في تحصيل مفهوم التكلم 2
2 في تحصيل الغرض من الكلام 5
3 تمثيل 7
4 استشهاد تأييد 8
5 في الفرق بين الكلام والكتاب والتكلم والكتابة 10
6 في وجوه من المناسبة بين الكلام والكتاب 13
7 في مبدء الكلام والكتاب وغايتهما 14
8 في فائدة انزال الكتب وارسال الرسل إلى الخلق 19
9 في كيفية انزال الكلام وهبوط الوحي من عند الله بواسطة الملك على قلب النبي وفؤاده ثم إلى خلق الله وعباده لبروزه من الكتب إلى الشهادة 22
10 إنارة قبيلته وإشارة نورية 26
11 في كشف النقاب عن وجه الكتاب ورفع الحجاب عن سر الكلام وروحه لأولى الألباب 30
12 في تحقيق كلام أمير المؤمنين وامام الموحد على (ع) كما ورد ان جميع القرآن في باء بسم الله وانا نقطة تحت الباء 32
13 في بيان الفرق بين كتابة المخلوق وكتابة الخالق 34
14 في تحقيق قول النبي (ص) ان للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا 36
15 تذكرة تمثيلية 39
16 في توضيح ما ذكرناه وتبيين ما أجملناه من كون معرفة لب الكتاب مختصة باهل الله من ذوي البصائر والألباب 40
17 رمز قرآني وتلويح كلامي 40
18 اشعار تنبيهي 43
19 في نعت القرآن بلسان الرمز والإشارة 44
20 تنبيه واشعار 45
21 في الإشارة إلى نسخ الكتب ومحوها واثباتها 47
22 في ذكر ألقاب القرآن ونعوته 50
23 الموقف الثامن في العناية الإلهية الرحمة الواسعة لكل شئ وكيفية دخول الشر والضر في المقدورات الكائنة بحسب القضاء الإلهي والتقدير الرباني وفيه فصول 55
24 في القول في العناية 55
25 في مباحث الخير والشر 58
26 شك وتحقيق 62
27 في اقسام الاحتمالات التي للموجود من جهة الخير والشر 68
28 في ان جميع أنواع الشرور من القسم المذكور لا توجد الا... 70
29 في كيفية دخول الشرور في القضاء الإلهي 72
30 في دفع أوهام وقعت للناس في مسئلة الخير والشر 78
31 في ان وقوع ما يعده الجمهور شرورا في هذا العالم قد تعلقت به... 91
32 في بيان كيفية أنواع الخيرات والشرور الإضافية 94
33 حكمة أخرى 101
34 في ان العالم المحسوس كالعالم المعقول مخلوق على أجود... 106
35 في بيان ان كل مرتبة من مراتب مجعولاته أفضل ما يمكن وأشرف... 108
36 في نبذ من آثار حكمته (تعالى) وعنايته في خلق السماوات والأرض 118
37 في ذكرا نموزج من آثار عنايته في خلق المركبات 124
38 في آيات حكمته وعنايته في خلق الانسان 127
39 في عنايته تعالى في خلق الأرض وما عليها لينفع بها الانسان... 134
40 في بدائع صنع الله في الاحرام الفلكية والأنوار الكوكبية 139
41 في اثبات ان جمعي الموجودات عاشقة لله سبحانه مشتاقة إلى لقائه 148
42 في بيان طريق آخر في سريان معنى العشق في كل الأشياء 158
43 في بيان ان المعشوق الحقيق لجميع الموجودات وان كان شيئا واحدا... 160
44 في التنبيه على اثبات الصور المفارقة التي هي مثل الأصنام الحيوانية 169
45 في ذكر عشق الظرفاء والفتيان للأوجه الحسان 171
46 في ان تفاوت المعشوقات لتفاوت الوجودات 179
47 في اختلاف الناس في المحبوبات 184
48 في الإشارة إلى المحبة الإلهية المختصة بالعرفاء الكاملين... 188
49 الموقف التاسع في تمهيد أصول يحتاج إلى معرفتها في تحقيق وأول الهويات... 192
50 في ان أول ما يصدر عن الحق يجب ا ن يكون أمرا واحدا 204
51 في سياقة أخرى من الكلام لتبين هذا المرام أورده (بهمنيار) 207
52 وهناك مساق آخر في البرهان على هذا الأصل افاده الشيخ الرئيس... 209
53 في ذكر شكوك أوردت على هذه القاعدة والإشارة إلى دفعها 211
54 وهم وتنوير 219
55 في قاعدة امكان الأشرف الموروثة من الفيلسوف الأول مما يتشعب 244
56 اشكال فكري وانحلال نوري 254
57 تبصرة مشرقية 257
58 في نتيجة ما قدمناه من الأصول وثمرة ما أصلناه في هذه الفصول 258
59 تبصرة تفصيلة 262
60 تكميل انحلالي لشك اعضالي 276
61 الموقف العاشر في الإشارة إلى شرف هذه المسئلة وان دوام الفيض والجود لا ينافي... 282
62 في بيان حدوث الأجسام بالبرهان من مأخذ آخر مشرقي غير ما سلف 297
63 في ذكر ملفقات المتكلمين ونبذ من آرائهم وأبحاثهم في هذه المسئلة 298
64 في بعض احتجاجات المتكلمين وأرباب الملل وانقطاع الفيض 300
65 في طريق التوفيق بين الشريعة والحكمة في دوام فيض الباري وحدوث العالم 326