وظاهر ان كل واحد من هذه الموجودات الناقصة طالبه للكمال الذي يتم به وجوده فالصورة الحافظة للتركيب كمالها في أن تصير ذات قوه تزيد بها في مقدار شخصه بان يجذب الغذاء ويحيله إلى جوهره المغتذى ويلصقه باجزائه على نسبه لائقة ويزيد بها في اعداد نوعه بالتوليد وإذا حصل هذا الكمال وبحسبه درجه من القرب إلى المبدء المتعال الذي هو الغاية في الفضيلة من كل وجه حاول كمالا أتم من ذلك وأقرب إلى الكمال الحقيقي من جميع الوجوه وهو كونه ذا صوره حساسة ثم متخيله ثم ذاكره ثم عاقله للأشياء بالملكة بادراك الأوليات ثم عاقله لها بالفعل بادراك الثواني النظريات ثم صائرة عقلا بسيطا فعالا للمعقولات ثم راجعه إلى الله تعالى راضية مرضيه كل ذلك بأشواق متتالية وأذواق متلاحقة كل عشق سابق عله للوصول إلى معشوق لاحق يكون غاية لذلك العشق السابق وهكذا إلى أن يصل إلى معشوق المعاشيق وغاية اللذات والرغبات ومنتهى الحركات.
والأول من الثاني وهو ما يكون ناقصا من كل جهة كالهيولي الجسمانية فإنها في ذاتها قوه كل شئ لا قوام لها الا بما تحلها من الصور فحقيقتها عين الحاجة والافتقار بل عين التشوق إلى كل صوره كمالية بالفعل والشيخ الرئيس انكر في طبيعيات الشفا كونها مشتاقة إلى الصور كما هو المنقول عن المتقدمين غاية الانكار ثم إنه قد اعترف بذلك في رسالته التي صنفها في العشق وكيفية سريانه في جميع الموجودات لكنه اقتصر في بيان كيفية عشقها بعدم عريها عن جميع الصور وبكونها دائمة التلبس بشئ ء من الصور وكذا اقتصر في كيفية عشق سائر البسائط العنصرية والمركبات المعدنية بميلها الطبيعي إلى احيازها وفي النباتات بما فيها من قوه التغذية وطلب الزيادة في الأقطار وقصد التوليد من غير أن يثبت لها شعورا وحيوه.
وأنت ان اثبات العشق (1) في شئ بدون الحياة والشعور فيه كان مجرد