ومقابله وهو العدم شر وكريه ومهروب عنه وعلمت ان الوجود نوع واحد بسيط في ذاته لا اختلاف فيه الا ان له حدودا ودرجات وهي منشا اختلاف ماهيات الممكنات و أجناسها وفصولها فالوجود في نفسه لا يتفاوت الا بالأكمل والأنقص والأشد والأضعف وغاية كماله هو الواجب الحق لكونه غير متناهي الشدة في الكمال ولكل واحد من الموجودات المعلولية نصيب من ذلك الكمال فائض منه وله نقص بحسب حده في المعلولية فان حقيقة الوجود بما هي حقيقة لا يقتضى النقص ولا التناهي والتجدد إذ لو اقتضت ذلك لما كان واجب الوجود غير متناهي القوة والقدرة فقد ثبت ان النقص والتناهي من لوازم المعلولية إذ المعلول لا يمكن ان يساوى علته في رتبه الوجود والا لم يكن أحدهما بالعلية أولى من الاخر.
فاذن كل ما لم يكن معلولا لشئ كالواجب تعالى فلا نقص فيه أصلا لكونه محض حقيقة الوجود والخير فهو أعظم الأشياء بهجة ومحبة لذاته وما يلزم لذاته من الخيرات من حيث هي خيرات وكل ما كانت المعلولية فيه أكثر والوسائط بينه وبين الحق المحض أكثر فهو انقص وكل ما هو أقرب منه تعالى فهو أكمل وأتم فإذا ثبت هذا فلا يخلو شئ من الموجودات عن نصيب من المحبة الإلهية والعشق الإلهي والعناية الربانية ولو خلا عن ذلك لحظه لانطمس وهلك فكل واحد عاشق للوجود طالب لكمال الوجود نافر عن العدم والنقص وكلما هو مطلوب فإنما يمكن حفظه وإدامته بما هو تمامه وكماله فالمعلول لا يدوم الا بعلته لكونها كماله وتمامه والحرارة لا تنحفظ ولا تدوم الا بحرارة أقوى منها والنور لا يكمل الا بنور أقوى منه والعلم الناقص الظني