وأعمالها الخيرية تشبها به في غاياتها وهي كونها عاقله عادله وان لم تكن متشبهة به في مبادي هذه الغايات كالتعلم وما شاكله والنفوس الإلهية (1) انما تحرك تحريكاتها وتفعل أفاعيلها تشبها به أيضا في استبقاء الكون والفساد والحرث والنسل والعلة في كون القوى الحيوانية والنباتية متشبهة به في غايات أفاعيلها دون مباديها لان مباديها انما هي أحوال استعدادية قويه والخير المطلق منزه عن مخالطه الأحوال الاستعدادية القوية وغاياتها كمالات (2) فعليه والعلة الأولى هو الموصوف بالكمال الفعلي المطلق فجاز ان يتشبه به في الكمالات الغائية وامتنع ان يتشبه به في الاستعدادات المبدئية انتهى كلامه.
تذكره ان الحكمة الإلهية والعناية الربانية قد ربطت أطراف الموجودات بعضها ببعض ربطا حكيما ونظمها نظما عقليا تأحديا كما أوضحنا سبيله من أن الموجودات لما كان بعضها معلولات ومنها أولا ومنها ثواني فارتكزت في جبله المعلولات نزوع نحو علاتها و اشتياق إليها وجعلت في جبله علاتها رافه وعطوفه على معلولاتها كما يوجد ذلك في الاباء والأمهات على الأولاد ومن الكبار على الصغار ومن الأقوياء على الضعفاء وذلك لشده حاجه الضعفاء إلى معاونه الأقوياء والسر في ذلك ما أشرنا اليه من أن الجنس يحن على الجنس وان المعلول كأنه جزء من علته وان العلة كأنها تمام لمعلولها وهكذا حال كل محتاج ومحتاج اليه فالفقير يتشبث بالغنى ويشتاق اليه والغنى يرحمه ويجود من فضله عليه.