ا ما تأملت يا عارف في ملكوت السماوات وملكها وما فيها من الكواكب وقوام جوهرها واشراق نورها وطاعتها للباري في الحركات عشقا وشوقا إلى المبدع ا ما تسمع كلام الله في تعظيمها وتعظيم النجوم في كتابه فكم من سوره ذكر فيها عظم امر السماء وجلاله قدرها وكم اقسم بها في القرآن كقوله تعالى والشمس وضحيها والقمر إذا تليها وقوله والنجم إذا هوى وقوله فلا اقسم بمواقع النجوم وانه لقسم لو تعلمون عظيم ثم اثنى على المتفكرين فيها ويتفكرون في خلق السماوات والأرض وذم المعرضين عن التدبر فيها وهم عن آياتها معرضون وجعلها سقفا محفوظا ورفع سمكها وحفظها من ولوج الشياطين لكونها معبد الملائكة وموضع القدس والطهارة وأهلها أهل التسبيح والتقديس لا يدخل مسجدهم الحرام (1) أرجاس الكفر وأوساخ الشرك من النفوس الخبثية الشيطانية كما لا يدخل المشركون الأنجاس مساجد الأرض كما قال انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام فانظر إلى ملكوت السماء لترى عجائب العز والجبروت وأطل فكرك في الملك فعسى ان ينفتح لك أبواب السماء فتدخل الجنة وتخرج إلى عالم النور من هذه الهاوية المظلمة فتجول بقلبك في أقطارها إلى أن تقوم بين يدي عرش الرحمن فعند ذلك نرجى لك ان تبلغ رتبه الأقصى ولا يكون ذلك الا بعد مجاوزتك عن مراتب العالم الأدنى ثم الدلائل الدالة على شرف عالم السماء أكثر من أن تحصى وكذا منافعها بالقياس إلى الانسان.
فمنها ما أشار اليه سبحانه من أن خلقها مشتمل على حكم بليغة وغايات صحيحه بقوله ربنا ما خلقت هذا باطلا وقوله وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا ومنها ان زينها بالمصابيح لقوله ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح (2) وبالقمر