الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ١٤٥
بأصناف الزينة وصوره (1) بأنواع التصاوير ناسيا ذكر ربه بسبب نسيان نفسه وعدم حضور قلبه مشتغلا ببطنه وفرجه ليس له هم الا هم شهوته أو حشمته.
والعجب منه انه متى دخل بيت غنى فيراه مروقا بالصبغ مموها بالذهب فلا ينقطع تعجبه ولا يزال يصف حسنه ويثنى على من صنعه وصوره وتراه غافلا عن بيت الله العظيم وعن ملائكته الذين هم سكان سماواته فلا يلتفت اليه بقلبه ولا يعرف من السماء الا بقدر ما يعرف البهيمة ان فوقها سطحا أو بقدر ما يعرف النملة من سقف بيته ولا يعرف من ملائكة السماوات ولا من تصاويرها العجيبة الا بقدر ما يعرف النملة من نفوس سكان البيت ونقوش تصاويرهم في حيطانه فما هذه الغفلة العريضة (2) وما هذا النوم الغالب على أكثر الناس والسكر

(1) اي صور جسمه بعلاوة تصوير نفسه المنطبعة بكل الصور الثمانية والأربعين المشهورة وانتقاش جسمه بصور الأشياء كنفسه كما يقول بعض الاشراقيين س قده (2) موجبها الاعراض عن الحكمة الإلهية والرياضية سيما اشرف الرياضيات وهو الهيئة فلم يعلموا من السماوات الا لونا ولا من الكواكب الا برقا وشرقا بل لم يعلموا من السماوات شيئا لان ذلك اللون لون كره البخار والدخان واما انها ما هي وهل هي ولم هي وما هيولاها وما صورتها وطبيعتها الخامسة ونفسها المنطبعة والكلية وغير ذلك من احكامها فما شموا منها رائحة وذلك لان همهم بطنهم وفرجهم ومبالاتهم بالرياسة في عالم الطبيعة على أهله ولم يتدبروا في خلق السماوات ولا في خلق أنفسهم وفي عظمتها حتى يستحقروا الدنيا.
ولا في دوامها ودوام ملكوتها حتى يستقصروا الف سنه من العمر عايشين فضلا عن تذكر عظمه مبدعها وسرمدية وجوده ودوام بقاء النفس اما متنعمة ومسرورة بلقاء الله واما متعذبة و محرومة فإذا قايست مده مديده من عيش البدن الطبيعي إلى بقاء النفس المفارقة لم تجد نسبه إذ لا نسبه للمتناهي إلى غير المتناهي وإن كان كالف دوره من فلك الثوابت وكذا إذا عرفت عظمه نفسك القدسية وقايست عظمه الدنيا إليها نعم من لا يرى الجبل يستعظم الجمل واما من يراه بجنبه فيستصغر فاصعد بخيالك النوري إلى الأفلاك وانظر نظر مستحصر متعجب إلى الربع الأرضي المكشوف من الماء والى ديدانه التي تدب عليه فان الخلق بما هم خلق هكذا.
ما شانهم في اخلادهم إلى الأرض وتفاخرهم بمالكيتهم فيها وانه كم قدرها وقدر متصرفها وبخلاف ذلك كم أقدار الأفلاك وكم أقدار كواكبها غير المحصورة فان كثيرا من الكواكب مقدار كل واحد منهما اضعاف تمام الأرض.
وانظر بنظر باطنك مقاديرها العظيمة لا كما تراها بنظرك الظاهر أضواء صغيره ضعيفه وانظر حركاتها المتفننة بعضها إلى المغرب على خلاف التوالي وبعضها إلى المشرق على التوالي وانظر اختلاف حركاتها سرعه وبطؤا فبعضها يتم دوره في سنه وبعضها في اثنتي عشره سنه وبعضها في ثلاثين سنه وبعضها ينتهى في البطؤ إلى أن يتم دوره في خمسه وعشرين الف سنه ومأتين في مقابله ما ينتهى في السرعة إلى أن يتم دوره في أربعة وعشرين ساعة وبعضها في غير هذه وانظر ثبات أوضاع الكواكب الثابتة كل مع الاخر دائما وتبدل أوضاع السيارات تبدلا منسفا وانها مظاهر دوام الله ومجالي قدره الله وتربيته.
بل اصعد بعقلك إلى عالم نفوسها المنطبعة التي هي خيال الانسان الكبير الذي كانت الأفلاك وما فيها بدنه والى نفوسها الكلية التي بها تدرك الكليات والمفارقات ثم أرقا إلى عالم العقول الكلية والأنوار القاهرة من الطبقتين الطولية والعرضية التي هي وجودات بسيطه محيطه أولات وحدات جمعية من رآها فقد رأى الله لأنها من صقع الربوبية غلبت عليها الاخلاق الإلهية واستهلكت فيها احكام السوائية إذ ليس فيها الحالة الانتظارية والامكانات الاستعدادية وحينئذ امتثلت قول القائل اي بيضه مرغ لا مكانى * اي هم تو سفيده هم تو زرده بگشا پر وبال وپس برون پر * زين گنبد چرخ سالخورده وصرت من السابحات سبحا في بحار عظمته والصافات صفا بين يديه بشرط الاستقامة والتمكن في المقام فان مراتب الاستكمال ثلاث التعلق والتخلق والتحقق وان شئت قلت اربع الخطرة والحال والملكة والتمكن فاستقم كما أمرت س قده.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في تحصيل مفهوم التكلم 2
2 في تحصيل الغرض من الكلام 5
3 تمثيل 7
4 استشهاد تأييد 8
5 في الفرق بين الكلام والكتاب والتكلم والكتابة 10
6 في وجوه من المناسبة بين الكلام والكتاب 13
7 في مبدء الكلام والكتاب وغايتهما 14
8 في فائدة انزال الكتب وارسال الرسل إلى الخلق 19
9 في كيفية انزال الكلام وهبوط الوحي من عند الله بواسطة الملك على قلب النبي وفؤاده ثم إلى خلق الله وعباده لبروزه من الكتب إلى الشهادة 22
10 إنارة قبيلته وإشارة نورية 26
11 في كشف النقاب عن وجه الكتاب ورفع الحجاب عن سر الكلام وروحه لأولى الألباب 30
12 في تحقيق كلام أمير المؤمنين وامام الموحد على (ع) كما ورد ان جميع القرآن في باء بسم الله وانا نقطة تحت الباء 32
13 في بيان الفرق بين كتابة المخلوق وكتابة الخالق 34
14 في تحقيق قول النبي (ص) ان للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا 36
15 تذكرة تمثيلية 39
16 في توضيح ما ذكرناه وتبيين ما أجملناه من كون معرفة لب الكتاب مختصة باهل الله من ذوي البصائر والألباب 40
17 رمز قرآني وتلويح كلامي 40
18 اشعار تنبيهي 43
19 في نعت القرآن بلسان الرمز والإشارة 44
20 تنبيه واشعار 45
21 في الإشارة إلى نسخ الكتب ومحوها واثباتها 47
22 في ذكر ألقاب القرآن ونعوته 50
23 الموقف الثامن في العناية الإلهية الرحمة الواسعة لكل شئ وكيفية دخول الشر والضر في المقدورات الكائنة بحسب القضاء الإلهي والتقدير الرباني وفيه فصول 55
24 في القول في العناية 55
25 في مباحث الخير والشر 58
26 شك وتحقيق 62
27 في اقسام الاحتمالات التي للموجود من جهة الخير والشر 68
28 في ان جميع أنواع الشرور من القسم المذكور لا توجد الا... 70
29 في كيفية دخول الشرور في القضاء الإلهي 72
30 في دفع أوهام وقعت للناس في مسئلة الخير والشر 78
31 في ان وقوع ما يعده الجمهور شرورا في هذا العالم قد تعلقت به... 91
32 في بيان كيفية أنواع الخيرات والشرور الإضافية 94
33 حكمة أخرى 101
34 في ان العالم المحسوس كالعالم المعقول مخلوق على أجود... 106
35 في بيان ان كل مرتبة من مراتب مجعولاته أفضل ما يمكن وأشرف... 108
36 في نبذ من آثار حكمته (تعالى) وعنايته في خلق السماوات والأرض 118
37 في ذكرا نموزج من آثار عنايته في خلق المركبات 124
38 في آيات حكمته وعنايته في خلق الانسان 127
39 في عنايته تعالى في خلق الأرض وما عليها لينفع بها الانسان... 134
40 في بدائع صنع الله في الاحرام الفلكية والأنوار الكوكبية 139
41 في اثبات ان جمعي الموجودات عاشقة لله سبحانه مشتاقة إلى لقائه 148
42 في بيان طريق آخر في سريان معنى العشق في كل الأشياء 158
43 في بيان ان المعشوق الحقيق لجميع الموجودات وان كان شيئا واحدا... 160
44 في التنبيه على اثبات الصور المفارقة التي هي مثل الأصنام الحيوانية 169
45 في ذكر عشق الظرفاء والفتيان للأوجه الحسان 171
46 في ان تفاوت المعشوقات لتفاوت الوجودات 179
47 في اختلاف الناس في المحبوبات 184
48 في الإشارة إلى المحبة الإلهية المختصة بالعرفاء الكاملين... 188
49 الموقف التاسع في تمهيد أصول يحتاج إلى معرفتها في تحقيق وأول الهويات... 192
50 في ان أول ما يصدر عن الحق يجب ا ن يكون أمرا واحدا 204
51 في سياقة أخرى من الكلام لتبين هذا المرام أورده (بهمنيار) 207
52 وهناك مساق آخر في البرهان على هذا الأصل افاده الشيخ الرئيس... 209
53 في ذكر شكوك أوردت على هذه القاعدة والإشارة إلى دفعها 211
54 وهم وتنوير 219
55 في قاعدة امكان الأشرف الموروثة من الفيلسوف الأول مما يتشعب 244
56 اشكال فكري وانحلال نوري 254
57 تبصرة مشرقية 257
58 في نتيجة ما قدمناه من الأصول وثمرة ما أصلناه في هذه الفصول 258
59 تبصرة تفصيلة 262
60 تكميل انحلالي لشك اعضالي 276
61 الموقف العاشر في الإشارة إلى شرف هذه المسئلة وان دوام الفيض والجود لا ينافي... 282
62 في بيان حدوث الأجسام بالبرهان من مأخذ آخر مشرقي غير ما سلف 297
63 في ذكر ملفقات المتكلمين ونبذ من آرائهم وأبحاثهم في هذه المسئلة 298
64 في بعض احتجاجات المتكلمين وأرباب الملل وانقطاع الفيض 300
65 في طريق التوفيق بين الشريعة والحكمة في دوام فيض الباري وحدوث العالم 326