الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ١٤٤
من بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيهما اسمه فيها أصناف العابدين فمنهم سجود لا يركعون ومنهم ركوع لا ينتصبون (1) ومسبحون لا يسامون لا يغشاهم نوم العيون ولا فترة الأبدان ولا غفلة النسيان وليس من شرط الدار ان لا يكون جسمانيا ذات حيوه قال تعالى وان الدار الآخرة لهى الحيوان وليس من شرط عماره البيت المعمور ان يكون بالطين والحجر والخشب قال تعالى انما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر واقام الصلاة بل ولا يشترط ان يكون بيت العبادة جسمانيا فكل ما يقوم فيه العبادة والذكر والتسبيح والتقديس فهو بيت عباده.
فانظر إلى صنع الباري جل ذكره كيف بنا السماء وجعلها معبدا للملائكة المسبحين المهللين الذاكرين الله وامسكها من غير عمد ترونها ومن غير حبل أو علاقة يتدلى بها والعجب ممن لا ينظر ولا يتأمل في صنع بيت تولى الله بنيانه بقدرته وانفرد بعمارته وزينه

(1) الطبقة الأولى العقول الكلية التي هي المطلوبة في حركات الأفلاك وهي المشبه بها لها وسجودهم فنائهم بمحوهم وطمسهم ومحقهم في شهود الحق المتعال والطبقة الثانية النفوس الكلية والجزئية المنطبعة الطالبة للعقول الكلية من حيث إنهم مجالي الله سبحانه وأنواره القاهرة وانما كانوا راكعين لعدم اضمحلال وجودهم مثل الطبقة الأولى وذلك لتوجههم إلى الأبدان الفلكية ومن هنا ينبغي للمصلى ان يتفطن بحكم أوضاع الصلاة وإشارات الشارع المقدس نقش هر پرده كه زد راه بجائى دارد ففي المقام يدع الاخلاد إلى عالم الطبيعة واتباع الهوى وينهض عن الدنيا ويقوم عند الله ويوحد توحيد الافعال وفي الركوع يطاطا من عنده ويسلم نفسه ويمد عنقه كأنه يريد ان يضرب عنقه ويذبحه وهو ينقاد ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بان لهم الجنة اي جنه الصفات أو جنه الذات ويوحد الراكع توحيد الصفات وفي السجود يضمحل ويمحق وجوده بالكلية ويوحد توحيد الذات ويفنى فناء ا تاما س قده.
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست