ولو تدبرت تدبرا شافيا في كيفية تدبير النفس للبدن وحصول الألفة والعلاقة وشوق التصرف والتحريك وعشق المقارنة والم المفارقة بينهما مع أن البدن كالثقل الكثيف والنفس كالنور اللطيف لقضيت العجب (1) وقلت كيف يتصور الازدواج بين النور والظلمة والايتلاف بين المجرد والمادي وبين العلوي الذي قال تعالى تعظيما لشانه ورفعناه مكانا عليا وقال إن كتاب الأبرار لفي عليين والسفلى المشار اليه بقوله ان كتاب الفجار لفي سجين إذ بينهما من المخالفة والمنافرة في المهية ما لا يخفى على صاحب الرويه وجل الخلق بل كلهم الا النادر منهم غافلون بل منكرون لهذه الارتباط والاتحاد بينهما حتى انكر أكثر المنتسبين إلى العلم تجرد النفس وظن جمهور القائلين تجردها ان انسانية الانسان بصوره أخرى نوعيه منطبعة في البدن يتحصل منهما حقيقة الانسان واما المشار اليه بانا فهو المسمى بالنفس الناطقة ولها اضافه عارضه شوقية بالقياس إلى البدن لأنه موضوع أفاعيلها الجسمانية وهؤلاء بمعزل عندنا عن معرفه النفس ومقاماتها في الهبوط والصعود حسبما قررنا سابقا من أنها هي الجوهر المغتذى النامي المتحرك الساكن الاكل الشارب اللامس الشام الذائق فانظر في حكمه الصانع كيف كثف اللطيف (2) لا بل لطف الكثيف بحسن تدبير فخلق من زبده العناصر البدن الكثيف المخلوق من مادة النطفة
(١٢٦)