الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ١٣١
لا يمكنه التعدي منه إلى غيره فيكون ناقص الجبلة لقصوره عن فعل الخيرات الكثيرة والجواب ان ذات كل ملك متصل (1) بذات ما هو اشرف منه على وجه يقوم به ويحيى بروحه لكن لا على وجه التركيب والتمزيج الذين في الأجسام وكل منهم وحداني الذات وحداني الفعل وان صدر عنه أنواع كثيره من الافعال لان كثرتها على الترتيب الصدوري على وجه يكون بعضها تحت بعض على نسق ونظام لا يتغير أصلا وقد علمت أن الترتيب يجعل الكثير واحدا فيرتقى الافعال منهم إلى فعل واحد يتشعب منه الأثر وكذا الذوات ترجع كثرتها إلى ذات واحده تتحد بها الذوات وكل ملك من الملائكة حي عليم بحياة الملك الذي هو دونه وتحت امره وتسخيره وعلمه لا كأعضائنا التي لا شعور لها بذاتها ولا بما يصدر عنها وانما نسبه الملائكة إلى من هي تحت امره وطاعته كنسبه قوانا الادراكية إلى الروح العقلي منا حسبما بيناه من أن كلا من الحواس وصورها الحاضرة عند النفس حيه بحياة النفس ومع ذلك لكل حس منها شان غير شان الحس الآخرة ولا اختلاط بينها ولا تشويش لأنها من الجنبة العالية والجهات الفاعلية لا القابلية كالأعضاء وما في حكمها.

(1) إذ قد عرفت ان المبادئ الفاعلية والقوى الفعلية ملائكة من حيث اضافتها إلى ما فوقها واتصالها به ومن حيث إن كل واحد مما فوقه كجسد من روح فكل واحد شريف بشرافه ما فوقه بل مجيد بمجد الله الحميد المجيد لان كلها كأعينه الناظرة وأيديه العمالة بل درجات قدرته الفعلية فلما أنتج كلام القائل الخسة أثبت أولا الشرافه وتصدى ثانيا لاثبات الشرافه من وجه أوهمه كلام القائل بأنها إن كان مناطها كثره الافعال فهي حاصله أيضا الا انها بالترتيب الصدوري فالعقول الكلية والنفوس الكلية الذين هم الملائكة المقربون من الصافات صفا والمدبرات امرا لها كثره الافعال بهذا المنوال وكذا المبادئ الفاعلية التي في عالم المثال واما القوى والطبائع العمالة في الباطن فكثره الافعال فيها هي الكثرة التي فيما فوقها لان شيئية الشئ بصورته ولا خفاء في أن كلام القائل في الملائكة بأجمعهم س قده.
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست