صورية بها يقع استعدادات مادية غير متناهية تلحق من فاعل غير متناهي التأثير إلى قابل غير متناهي القبول ليوجب ذلك إفاضة الخيرات وفتح أبواب البركات على الدوام من غير انقطاع كما في قوله تعالى وان تعدوا نعمه الله لا تحصوها وإذا لم يكن الفاعل القيوم على الغيب بضنين فيحصل الفيض منه على كل قابل مستعد بحسب استعداده حتى أن النمل الصغار والضب والسوسمار مع حقارتها لو كانت مستعدة لقبول نفس ناطقه وجب ان يفاض عليها.
وقد علمت أن اشرف ما يتعلق بالهيولى والأجسام انما هي النفوس الناطقة التي لا يمكن خروج جميع ما يمكن منها من القوة إلى الفعل دفعه واحده لا مع الأبدان لاستلزامه لا تناهى الابعاد والاجرام ولا بدونها لكونها متعلقه الذوات بها حدوثا فبحسب استعداد الهيولى استعدادات غير متناهية في الادوار والأكوار يقبل فيض النفوس من العقل المفارق إلى غير النهاية ثم يرجع منها ما كملت إلى العالم العقلي والوطن الأصلي وما لم تكمل تلبث في بعض طبقات البرازخ والمقابر المثالية أزمانا طويله أو قصيره وأحقابا كثيره أو قليله بحسب كثافة الحجاب ورقته وبحسب كثره الجرائم وقلتها.
ثم انظر أيها المتأمل الطالب لمعرفة الله وملكوته من ملاحظه أحوال العلويات وأوضاعها لانتفاع السفليات من أنها لو كانت كلها نيرات لأفسدت باحراق أضوائها مواد الكائنات كلها ولو كانت عريه عن النور بالكلية لبقي ما دون الفلك في ظلمه شديده وليل مظلم طويل لا أوحش منه وكذا لو ثبت أنوارها أو لازمت دائره واحده لاثرت بافراط فيما قابلها وتفريط فيما وراء ذلك ولو لم يكن لها حركة سريعه لفعلت ما يفعله السكون واللزوم ولو لم يجعل الأنوار الكوكبية ذوات حركة سريعه مشتركه وأخرى بطيئه مختصه ولم يجعل دوائر الحركات البطيئة مائلة عن مدار حركة السريعة لما مالت إلى النواحي شمالا وجنوبا فلم تنتشر منافعها على بقاع الأرض ولولا أن حركة الشمس خصوصا على هذا المنوال من تخالف سمتها لسمت حركة السريعة لما حصلت الفصول الأربعة التي بها يقع الكون والفساد ويصلح أمزجة البقاع والبلاد والى هذا المعنى أشار الكتاب الإلهي (1) قل ا رأيتم ان جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم