فنقول انظر أيها الذكي الفهم المتفكر في صنع الله المتدبر في آيات كتابه ان مبدع الأشياء لما كان غير متناهي القوة والقدرة على افاده الخير والرحمة فلم يجز وقوف رحمته وفضله عند حد لا يتجاوزه فيبقى بعد ذلك الامكان غير المتناهي من غير أن يخرج من القوة إلى الفعل ومن مكمن الخفاء إلى مجلى الظهور وذلك ممتنع جدا ولكن لما امتنع صدور غير المتناهي من الأكوان مجتمعا لا متفرقا ودفعيا لا متدرجا لنهوض البراهين عليه فبالضرورة لا يمكن ذلك الا على سبيل التعاقب والافتراق فلا جرم وجب ان يكون من صنع الله وجود جوهر بواسطته يستصح (1) صدور المحدثات والمتجددات عنه تعالى لتقدسه عن التغير ولا بد ان يكون ذلك الجوهر ذا قوه غير متناهية في الانفعال على وجه الامداد من الغير كان الواجب جل ذكره ذو قوه غير متناهية في الفعل على وجه الاستقلال ثم لما كان تجدد الحوادث بتوارد الاستعدادات متوقفا على امر متجدد بالطبع حادث بالذات ليصير تجدده وحدوثه الذاتيين منشأين لحدوث الحادثات وتغير المتغيرات وارتباط الحوادث بالمبدع القديم المرتفع ذاته عن الأزمنة والحركات فأفاد بفضل جوده أجراما (2) كريمه نورية متجددة الطبائع دائمة الحركات النفسانية والطبيعية والوضعية لأغراض علوية نفسانية وغايات حكمية عقلية هي العلة لإفاضات أنوار حسية وأضواء
(١٢١)