الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ١١٢
على وجه الأرض إذ كل ما يحدث في عالم الكون فيجب عن سبب إذ الشئ ما لم يجب لم يوجد ويرتقي سلسله الأسباب إلى مبدء واحد يتسبب عنه الأشياء على كيفية علمه بها وحكمته وعنايته فليس في الوجود شئ مناف لطبيعة علله وأسبابه المرتقية إلى الواحد الحق إذا المعلول يناسب علته بل فيض منها فالحركات المتنافرة بحسب الظاهر متوافقة منتظمة بالقياس إلى جمله النظام ووجود الإصبع الزائد على جبله هذا الانسان طبيعي في جبله العالم وكذا كل عمر فهو عمر طبيعي (1) بالقياس إلى الكل وان لم يكن طبيعيا على الاطلاق ولو تيسر لك ان تعلم كل شئ بأسبابه وعلله بان تخرج بعقلك من هذه الهاوية المظلمة مهاجرا إلى الله وملكوته وتشاهد عالم الأفلاك وعجائب الترتيب فيها ثم تعرج إلى الملكوت الاعلى لترى عجائب القدرة فيه وتعرف المبدء الأول حق معرفته ثم تسافر بالحق من الحق إلى الخلق فتعرف

(١) اي كل متحرك وان قطع طريقه عن الوصول إلى الغاية الأخرى بالنظر الاخر فهو واصل إلى الغاية بهذا النظر أعني النظر إلى الجهات الفاعلية والقابلية المؤدية إليها فهي المطلوبة من هذا المحرك لا غيرها فكل يتوجه إلى اسم من أسماء الحق تعالى ويعبده ولا يعبد الاسم الأعظم الا باب الأبواب والصراط الأقوم والانسان الكامل فهو عبد الله فقطع الطريق وعدم الوصول ونحوهما بالإضافة إلى الغاية المتوجه هو إليها ولكن يترقبها ويطمعها العقول الجزئية الوهمية من غيره وهو ترقب وهمي وطمع فج نعم يتيسر الوصول إلى تلك الغاية العظمى بالوفود على فناء هذا الباب الأعظم والتخطي إلى جنابه الأكرم ان هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم فاتوا البيوت من أبوابها وادخلوا المحافل عن قبابها ثم ما يقال من أن العمر الطبيعي للانسان ماه وعشرون من باب تحقق الطبيعة بتحقق فرد ما والا فمعلوم ان الافراد التي ليس لها امتزاج مستحكم ومزاج قوى كان عمرها الطبيعي بحسب موادها وأحوال موادها وإذ قيل إنها لم تبلغ إلى اعمارها الطبيعية قيس إلى المترقب من النوع في ضمن ذلك الفرد المعمر طويلا ولكن بملاحظة موادها المخصوصة التي لذواتها فهو ترتب وهمي وقس عليه الحركات إلى الغايات فان ترقب الغاية العظمى من كل متحرك انما هو باعتبار شأنية نوعه أو صنفه واما باعتبار شخصه فهو وهمي كما مر فتبصر س قده.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست