تفسير أحمد بن حنبل، وتفسير إسحاق بن راهويه، وفي الدرجة الثانية تفسير ابن جرير، وابن مخلد، وابن أبي حاتم، وأبي بكر المنذر، وغيرهم، ثم تفسير المعالم للعلامة البغوي. قال في (الخازن): إن معالم التنزيل للبغوي موصوف بالأوصاف المحمودة لكنه طويل، وفوقه أو مساويه تفسير عبد بن حميد، وعبد الرزاق، ثم الثعلبي، والنقاش، والواحدي. لكن روايتهم بالانفراد ليست بمعتبرة إلا بالتقوية، وللآخرين بالانفراد.
قال الإمام النووي في حق تفسير ابن جرير: أجمعت الأمة على أنه لم يصنف مثله (1).
في (الطبقات) لابن السبكي: قال ابن خزيمة حين رأى تفسير ابن جرير: ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير.
وقال أبو حامد الأسفرائيني: لو سافر رجل حتى يحصل له كتاب تفسير محمد بن جرير لم يكن ذلك كثيرا، (هكذا في فتح البيان) (2) وزاد: قال السيوطي في (الإتقان): وكتابه - أي تفسير ابن جرير - أجل التفاسير، وأعظمها فهو يفوق بذلك على تفاسير الأقدمين (إنتهى ملخصا).
وفي تاريخ ابن خلكان: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري كان من الأئمة المجتهدين لم يقلد أحدا، وكان ثقة في نقله، وتاريخه أصح التواريخ، وأثبتها (3) (كذا في الطبقات الكبرى للإمام عبد الوهاب ابن السبكي)، بل أنه أكثر وبالغ في مدحه.
وما بعد هذه التفاسير قد انتخبت من هؤلاء كما يؤيده انتخاب الحافظ السيوطي في (الإتقان) و (الدر) من تفسير ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي الشيخ، وابن حبان، والفريابي، وعبد الرزاق، وابن المنذر، وسعيد بن منصور، ومستدرك الحاكم، وتفسير ابن كثير، (الذي هو في طبقة عبد الرزاق)، وغيرها، وهذا هو دستور في كل زمان أن المتأخرين ينتخبون من المتقدمين، وبعضهم يلتزمون الأقوال الراجحة، ونقد الروايات، وإسقاط غير المعتبرة، (كما هو دأب صاحب فتح البيان، وجامع البيان، والخازن، والمظهري).
وفي (كشف الظنون): " لباب التأويل في معالم التنزيل " للشيخ علاء الدين علي بن محمد ابن إبراهيم البغدادي الصوفي المعروف بالخازن، (ثم قال): إن (معالم التنزيل) للبغوي موصوف بالأوصاف المحمودة، لكنه طويل فانتخبه (أي الخازن)، وضم إليه فوائد لخصها من كتب التفاسير بحذف الأسانيد، وقد التزم المؤلف في (تفسير الخازن) (4) التصريح بصحة الروايات، وحذف الإسناد ونقل قول معتمد، فهو معتبر بكل وجه من انتخابه وتصريحه، والتزامه القول المعتمد، (ومن شاء الاطمئنان فليطالع مقدمته). فمن كذب من أهل الجماعة هؤلاء الكملاء والفضلاء فقد ضل وأضل، وجهل وأجهل عن قواعدهم مع أنهم قد استدلوا من هذه التفاسير، والتواريخ كما لا يخفى على من طالع مفوهاتهم الواهية.
وأما التواريخ فما من أهل مذهب إلا وقد استدل بالتواريخ، كيف لا، وليس من آية ولا حديث