كما في الصواعق المحرقة (1)، وتاريخ الخلفاء (2). وعدوا خلفاء بني أمية مع كونهم ليسوا بأهل للخلافة لفسقهم وظلمهم متساويين مع الاثني عشر المبشرين، وهو مخالف مخالفة صريحة لمفهوم الحديث لأن مقتضى الحديث، أن الخلفاء هم الذين ينصرون الدين ويقيمونه حتى يتقوى بهم الدين، والحال أنهم ضيعوا أحكام الشرع ونقضوا حدوده، وخالفوا الثقلين الذين وصي بتمسكهما، وأكد أشد التوكيد كما عد السيوطي، والقاري، والتفتازاني، والعسقلاني، وغيرهم (كما قال في تاريخ الخلفاء) (3).
وإيضاح ذلك أن المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته، والذي وقع أن الناس قد اجتمعوا على أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي المرتضى إلى أن وقع أمر الحكمين في (صفين) فتسمى معاوية يومئذ بالخلافة، ثم أجمع الناس على معاوية عند مصالحة الحسن، ثم اجتمعوا على ولده يزيد (عليه اللعنة)، ولم ينتظم للحسين أمر بل قتل قبل ذلك. ثم اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة: الوليد، ثم سليمان، ثم يزيد، ثم هشام، وتخلل بين سليمان، ويزيد، وعمر بن عبد العزيز. فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين. والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام (وهكذا في الصواعق المحرقة) (4).
وقال القاري في (شرح الفقه الأكبر): وكان الأمر كما قال النبي (ص) فالاثنا عشر هم الخلفاء الراشدون الأربعة، ومعاوية، وابنه يزيد، وعبد الملك بن مروان، وأولاده الأربعة، يزيد، وسليمان، وهشام، والوليد، وبينهم عمر بن عبد العزيز. واتصال زمان الخلفاء واحد بعد واحد أوضح وأظهر من هذا الحديث، وهو أحق بالقبول كما صرح به علماء أهل السنة (5).
ولكن عندهم أيضا يتم تعداد الخلفاء إلى قيام الساعة، وإن كان بالانقطاع، لكن ذكروه بصيغة التمريض أي قيل: وهذا مما لا ريب فيه (أي في ضعفه)، وتنفر قائلوه عن الظلمة، والفجرة، والفساق لكنهم أولوا الحديث بخلاف مقتضاه الصحيح (أعني الاتصال)، وأيضا عدوا منهم من ليس بأهلها ومن أجل ذلك قال النبي (ص): أخاف على أمتي الأئمة المضلين (رواه أبو داود والترمذي، كذا في المشكاة - كتاب الفتن) (6).
فالتأويل الصحيح: أن الخلفاء، والأئمة الاثني عشر هم من أهل البيت (عليهم السلام)، وقد اتصل زمانهم وختمت مدة ثلاثين سنة على علي (ع)، والخلافة من بعده في ذريته الطاهرة بوصيته (عليه السلام)، ومذهبهم مذهب واحد، كما قال الملا معين في دراسات اللبيب: وللكل قدوة حسنة في ذلك بالأئمة الاثني عشر من أهل البيت، وتابعيهم، حيث كانوا لا يرون القياس، وثبت ذلك عن بعضهم برواية الثقة العدل الشيخ قطب الدين عبد الوهاب الشعراني في " اللواقح " حيث روى عن الإمام أبي جعفر الصادق (ع) أنه قال لأبي حنيفة: بلغني أنك تقيس لا تقس فإن أول من