ولده يزيد ولم ينتظم للحسين أمر (1).
ولعل من أجل ذلك أفتى بعض علمائهم أن الحسين قد بغى على (خليفة) فجاز قتله، (نعوذ بالله من ذلك) كما في نيل الأوطار: لقد أفرط بعض أهل العلم كالكرامية، ومن وافقهم في الجمود على أحاديث الباب حتى حكموا بأن الحسين السبط رضي الله عنه وأرضاه (عليه الصلاة والسلام) باغ على الخمير السكير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية (لعنة الله عليه) فيا لله العجب من مقالات تقشعر منها الجلود، وينصدع من سمها كل جلمود (2).
وقد ذكر في شرح الفقه الأكبر (بغاوة) الحسين (3)، وذكر السيد في (الذبح العظيم): إن أبا بكر ابن العربي المالكي (عليه ما عليه) قال: إن (يزيد) كان على الصواب، وإن الحسين أخطأ بالخروج عليه، ورده ابن الجوزي في كتابه (السر المصون) (4).
وأما القدماء من المسلمين فكانوا على أصناف، فمنهم من سكت عن بيان فضائل عترة النبي، خوفا فسلم ونجا من شدائد الأعداء، وأخفى محبتهم في قلبه كالشافعي. ومنهم من صرح أو أشار إلى فضائلهم، وتحمل من المكاره والمصائب كالإمام النسائي، وعزل كثير وعذب وضرب، وقتل وحبس ونفي، ودفن حيا، ورفض، وشيع، وكفر ولم يرو عن بعضهم شئ، وإن روى فقد قيل إنه يتشيع مع أنه ثقة ثبت وما هذا إلا تنقيص عترة النبي، وتحقيرهم وقد أخرجوا الأحاديث عن الخوارج حتى في الصحيحين فضلا عما في المسانيد، والسنن وغيرها فحينئذ تحيرت العقلاء حتى لم يميزوا بين الصدق والكذب، والحق والباطل. والباعث على هذا التقليد المحض الذي من شأنه العمى وهو زعمهم الراسخ بل قالوا إنا وجدنا عليه آباءنا إلى التوارث من الآباء والأجداد، (كما في منهج الوصول إلى أحاديث الرسول للسيد الصديق) (5).
وفي نيل الأوطار: وفي البدر المنير لذلك قيل: لم نر الصالحين في شئ أكذب منهم في الحديث. وتهذيب المحدثين كالشيخين، وأبي داود وغيرهم من سبعمائة ألف حديث أو خمسمائة ألف حديث (حتى صح عن البخاري أنه لخص صحيحه من ستمائة ألف حديث) ونحوها ينادي بأعلى صوت على وضع الأحاديث وليس عند أحدهم علم محقق يتميز به الصحيح عن غيره بل غاية أمرهم ما عندهم لأنا إذا وجدنا حديثا صحيحا عند أحدهم فهو ضعيف عند الآخر، وموضوع عند بعض آخر (كما سيأتي إن شاء الله تعالى).
قال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من حديث الخوارج. وفي البخاري وغيره ما لا يحصى من المبتدعين وكفاك أنموذجا ما روى البخاري الذي هو أصح الكتب بعد كتاب الله الباري عن عمران بن حطان الخارجي المادح لقاتل أمير المؤمنين، وهو الذي دعا إلى الخروج (كذا قال السيد الصديق في الحطة في بيان الأحاديث الصحاح الستة، وهداية السائل، ومنهج الوصول بقول القرافي). وفي تقريب التهذيب للعسقلاني: عمران بن حطان - بكسر الحاء وتشديد الطاء -