الصحيح يرفض الامتثال بالفاسق والفاجر والظالم والاقتداء بأقواله وأفعاله، والقول باقتداء البعض في بعض الأحوال وبالآخر في الآخر فصاعدا ولتمييزهم فيما بينهم يستلزم الحكم وما هذا إلا التسلسل وهو باطل، فعلى هذا لا يكون الثاني إماما مطلقا واللازم أن يكون الإمام من يؤتم به في جميع أقواله وأفعاله وذا لا يستحق إلا بمعصوم لأنه تعالى قال " لا ينال عهدي الظالمين ".
في الكشاف: كيف يجوز نصب الظالم للإمامة والإمام إنما هو لكف الظلمة، فإذا نصب من كان ظالما في نفسه فقد جاء المثل السائر " من استرعى الذئب ظلم ".
وفي التفسير الكبير: قوله تعالى " إني جاعلك للناس إماما " أنه عليه السلام كان معصوما عن الذنوب، لأن الإمام هو الذي يؤتم به، ويقتدى فلو صدرت المعصية منه لوجب علينا الاقتداء به في ذلك فيلزم أنه يجب علينا فعل المعصية، وذلك محال.
وفي تفسير البيضاوي: إنها أمانة من الله وعهد، والظالم لا يصلح لهما وإنما ينالهما البررة والأتقياء منهم، والفاسق لا يصلح للإمامة.
وفي تفسير الخازن: والمعنى لا ينال ما عهدت إليك من النبوة والإمامة من كان ظالما لذريتك وولدك. (وهكذا في المعالم، والمدارك، وفتح البيان).
وفي التفسير لابن جرير: قال مجاهد: لا أجعل إماما ظالما يقتدى به، (وعن عكرمة مثله).
وفي تفسير النيشابوري بعد ذكر عدم جواز عقد الإمامة للفاسق عند جمهور الفقهاء والمتكلمين قال: " فإن كل عاص ظالم ".
وفي منهاج السنة: فإنه تعالى لا يأمر بالاقتداء بالظالم، فإن الظالم لا يكون قدوة يؤتم به بدليل قوله تعالى " لا ينال عهدي الظالمين " (1).
وفي الدر المنثور: أخرج عبد ابن حميد، وابن جرير عن ابن عباس، وعن الربيع في قوله تعالى " إني جاعلك للناس إماما - يقتدى بدينك وهديك وسنتك - قال ومن ذريتي " إماما لغير ذريتي أي قال إبراهيم ومن ذريتي فاجعل من يؤتم به ويقتدى به (2).
وفي اللغة: الظلم وضع الشئ في غير موضعه.
وفي (الفتح): والذي يظهر من سيرة عمر في أمرائه الذين كان يؤمرهم في البلاد أنه كان لا يراعي الأفضل في الدين فقط بل يضم إليه مزيد المعرفة بالسياسة مع اجتناب ما يخالف الشرع منها، فلأجل هذا استخلف معاوية والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص مع وجود من هو أفضل من كل منهم في أمر الدين والعلم كأبي الدرداء في الشام، وابن مسعود في الكوفة (3).
وأما عمر فعلمه وعمله الشغل في صفق الأسواق، كما في (البخاري): فقام أبو سعيد الخدري فقال: كنا نؤمر بهذا. فقال عمر خفي علي هذا من أمر النبي، ألهاني الصفق بالأسواق.
عن أبي هريرة: كان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على